1
في السنة من ضياعهم ومرافقهم.
ولا يخفى عليك أن جباية المملكة من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب لا يزيد على هذا القدر كثيرا؛ فقد علمت من صاحب بيت المال أن مجموع جباية الدولة نحو 400000000 درهم،
2
أو 27000000 دينار، ونحن - الهاشميين - نستقطر رواتبنا بالألف والعشرة آلاف كأننا نستجدي. ناهيك بأسباب الأبهة التي استأثروا بها حتى لقد ترى الخيول الواقفة بباب جعفر هذا أضعاف ما يقف بباب الرشيد. فما أدرانا ماذا يكون من عاقبة هذا الاستئثار إذا مات الرشيد وتولى الأمين؛ وهو لاه كما تراه. ألا تذهب الدولة من أيدينا؟ أما المأمون فإني أعترف بحزمه، ولكنني لا أراه غيورا على استبقاء الخلافة في أهل بيته. ولعل ذلك بسبب اتصال نسبه بالفرس من
الفصل الثاني والثلاثون
العالية بنت الرشيد
فأعجب إسماعيل بتفكير جعفر، ولعله رأى في قوله صوابا، ولكنه لم يكن يؤمن بفائدة مثل هذا التدبير للدولة، فأخذ يعارضه قائلا: «أما ثروة البرامكة فلا أنكر عليك ضخامتها، ولكن ما يدخل من ريعها إنما ينفقه البرامكة على الناس بسخاء في الإحسان أو الرواتب. فمن منا لا يستولي على راتب أو هدية من جعفر أو غيره؟ وقد علمت عن ثقة من صاحب بيت مالهم
صاحبها من أهل الدولة أو غيرهم على سبيل الهدية؛ فالمال راجع إلى الدولة وأهلها، ولا أظن الخليفة يفعل أكثر من ذلك، ثم إن مقتل هذا الرجل خطر على الخلافة، حتى الرشيد نفسه لو أراد قتله لم يستطع إليه سبيلا؛ لأن أكثر رجال الدولة من مريديه، وقد غمرهم بالعطاء والمعروف، فأقلع عن هذا وذاك، وأصغ لنصحي؛ فإني ضنين بشبابك، حريص على حياتك. والرأي عندي أن تتقرب إلى الرشيد؛ فذلك خير لك وأبقى، وأنا أضمن ما تبتغيه من القربى،
فلما رأى إصراره على مقاومته، تظاهر بالقبول مخافة أن يفشي أمره إذا أغضبه فقال: «وما هي وسائل القربى؟»
Bog aan la aqoon