قال: «لا أقول أنك تشرب الخمر، ولكنني أعهد فيك التعقل والرزانة، وكنت أحسبك إذا لقيت الأمين في مثل هذه الحال أنبته ووبخته، لا أن تجلس معه وتسايره.»
الفصل الثلاثون
مقتل الهادي
فتنهد جعفر وحول بصره إلى مقدم السفينة يتشاغل بما يراه من سبر النوتية قاع النهر بالعمد ليسيروا بالسفينة إلى مأمن، فلما رأى إسماعيل سكوته وتشاغله، أدرك ما يضمره وقال: «يخيل إلي أنك لا تزال على سوء نيتك في هؤلاء، وكأنك لا تزال طامعا؟»
فلم يتمالك جعفر عن قطع الحديث قائلا: «لا تقل طامعا يا سيدي، فإني غير طامع وإنما أنا أطلب حقي.»
قال: «وأي حق تعني؟»
قال: «أعني.» وخفض صوته وهو يلتفت حوله مخافة أن يسمعه أحد ثم قال: «أعني أن هؤلاء الموالي سلبوني حقي بعد أن قتلوا والدي وأخرجوا الخلافة من يدي، وأنت أعلم أني أولى الناس بها.»
فتظاهر إسماعيل بالاستخفاف وقال: «لا أجادلك فيما تدعيه من الحق، ولكنني لا أرى علاقة بين ما تطلبه وما تفعله. ما هي العلاقة بين طلبك الخلافة وجلوسك هذا المجلس؟ وقد طالما دافعتني بمثل هذا القول. فأخبرني ما هو حقك وممن تطلبه؟»
فقال جعفر وقد تجلى الغضب بين حاجبيه: «أتسمح لي أن أصرح بما في نفسي. إني أتهيب ذلك بين يديك.»
قال إسماعيل: «قل. لا تخف؛ فإني إذا رأيت طلبك صوابا أعنتك عليه، وإلا فإني أنصحك وأكتم أمرك.»
Bog aan la aqoon