وكان إسماعيل يسمع كلام ابن الهادي وهو يكاد يتميز غيظا، ولكنه اختصر في الجواب وأظهر الاستخفاف بالقصة وقال: «هكذا أبلغك الجاسوس، ولا يخلو قوله من مغالاة، ومع ذلك فليس هذا بالأمر الهام، وإنني أرجو أن تكتم ما دار بيننا وتصبر لنرى ماذا يكون.»
فسكت جعفر عن احترام لا عن اقتناع، فقال إسماعيل: «فاذهب إلى البصرة وسألحق بك بعد يومين.»
فقال: «سمعا وطاعة.» فودعه وأظهر أنه يتأهب للسفر، وانشغل إسماعيل عنه، فاختفى يوما ثم أتى إلى الفضل بن الربيع في منزله. وكان الفضل لا يزال يفكر في أسلوب يبلغ الرشيد به خبر العلوي. وقد عاد محمد الأمين وأخبره بحديث والدته أم جعفر، وما دار بينها وبينه من خبر العلوي، وما في نفسها على البرامكة. ولم يكن الفضل يجهل ذلك، فلما جاءه ابن الهادي رحب به فأخبره بما سمعه عن أمر عبد الملك بن صالح وزواج العالية، وما يدل عليه ذلك من ضعف الخليفة واستبداد البرامكة، وحرضه على إبلاغ خبر العلوي إلى الرشيد.
فقال له الفضل: «قد أعددت كل شيء.»
قال: «وهل اخترت من يقوم بذلك؟»
فقال: «ليس لنا إلا أبو العتاهية، فإنك تشتريه بالمال وله دالة على الخليفة.»
قال وقد تذكر أمرا قد نسيه: «وهل عاد من اقتصاص أثر الطفلين؟»
فقال: «عاد وقد قبض عليهما وحبسهما في مكان أمين لوقت الحاجة.»
فأبرقت أسارير جعفر وقال: «لقد قتل البرمكي لا محالة. والآن دبر ما تراه لإبلاغ الخبر إلى الرشيد ، فإني منصرف من بغداد؛ لأن عمي إسماعيل ألح علي في الانصراف، وأنا واثق أنك كفء لإنجاز العمل.»
قال: «كن مطمئنا.»
Bog aan la aqoon