قال: «هذا مستحيل الآن ... ربما أمكن بعد أسبوع أو اثنين ... تبعا للحالة ... سأعود مرة أخرى في المساء.»
وجعل يعودها مرتين في اليوم، مرة في الصباح وأخرى في المساء، ولا يمكث في كل مرة أكثر من دقائق، وظل الحال على هذا المنوال نحو أسبوع، فقلقت الأم وتعبت فيفي - أتعبها الانتقال المفاجئ من الضحك حين يكون معها أخوها أو طبيبها إلى الجهامة والفتور المتكلفين حين تدخل عليها أمها، إذ كلفها هذا التمثيل جهدا شاقا جدا، وهذا فضلا عن الاضطرار إلى ملازمة الفراش.
وأحس زكريا أن الأمر زاد تعقيدا لا سهولة، وأن المخرج أصبح عسيرا، فليس كل المراد أن تبقى الأسرة في الإسكندرية، وأن يتيسر بذلك لقاء الحبيبين، بل أن ترضى الأم بزواجهما.
فقالت فيفي لأخيها يوما: «وآخرتها؟»
قال: «الحق أقول إني لا أدري.»
قالت وهي تتجلد: «ألم يبق لهذا الرأس قدرة على التفكير؟»
قال: «اسكتي يا فيفي ... لا تزيديني ألما ... ما أردت إلا الخير، وقد كانت النتيجة ماذا ... هذا الموقف الذي لا نعرف وجه الخلاص منه ... أقول لك اتركي الأمر للمقادير ... عسى أن تفتح الباب الذي لا نراه الآن.»
قالت: «إني مستعدة أن أترك الأمر للمقادير، ولكن هذه الرقدة تطير عقلي ... أنقذني منها على الأقل.»
قال: «مسكينة ...»
وخرج يمشي مطرقا، ورأته أمه فأقبلت عليه وجرته إلى مقعد وقالت: «اسمع يا ابني، هذا حال لم يبق لي صبر عليه، ولا بد من استشارة أطباء آخرين، ويحسن أن يجتمعوا هنا.»
Bog aan la aqoon