فأهم بكلام، ولكن الذهول الذي استولى علي لما سمعته يقول إن تغريمي مائة قرش كان عملا رحيما، عقل لساني.
فيقول: «وماذا تعمل الآن؟»
فيقول رجل معه لم أفطن إلى وجوده: «يسرق العصي على ما يظهر، فإني أرى يده على عصاك.»
فأرفع يدي كأنما شكني مسمار محمي، وأنظر إلى العصا وهي تقع على الأرض، وأرى، كأني أحلم، الخال ينحني ويتناولها، ثم يحدجني بالنظر الشزر، وأفتح فمي محاولا أن أشرح له كيف اتفق أن أضع يدي - عفوا وبلا قصد - على عصاه، فأتردد وأحجم، وأطبق فمي، وماذا يمكن أن أقول له؟ ليس من السهل أن تقول لقاض حكم عليك بغرامة فادحة: إنه ثقيل بغيض وإنك تمقته أشد المقت، وإن رؤيته تسود في عينيك نور الضحى.
ويرى هو اضطرابي، وتلعثمي، فيكون هذا عنده بمثابة الاعتراف، ويقتنع بأني مفطور على السرقة، وأن اللصوصية شيء في دمي ... ولست أشك في أنه كان في تلك اللحظة يتمنى لو كان في المحكمة، وأنا أمامه ليبعث بي إلى السجن.
ولأمر ما، ترك ما كان فيه، وجر صاحبه وخرج. فخلصت أنفاسي، وطهر الجو فيما أحس، واستعدت رباطة جأشي، ووسعني أن أكلم صاحب الدكان، وأن أتناول «الفنيار» وأتأمله، كما أوصتني تلك اللعينة، وأن أقول له - ياللجرأة! إنه صدئ، وأنه لا يساوي شيئا!
فيتعجب ويقول: «صدئ؟ أين هذا الصدأ؟ اخرج به في النور وانظر.»
فأتناول «الفنيار» وأخرج، ولكني أتعثر - في مدخل الباب - ويطير «الفنيار» من يدي، وأنكب أنا ... على صدر الخال الفاضل!
وأفيق، وأعرف على من وقعت، وبمن اصطدمت، فأضع ذيلي في أسناني وأهرب! •••
وتصور أن تجيء زكية، بعد سنتين، وتقول لي: «لي عندك رجاء يا روحي.»
Bog aan la aqoon