ولماذا والله لست لأدري
الترجمة النثرية
وذات يوم، بعد الظهر، صبحت الطريق - ولا أدري لماذا - وكان الخيزران يتثنى على أيدي الرياح. وكانت الظلال تتشبث بأقدام النور المسرع (إلى الغروب) والشحارير قد تعبت مما صدحت وغنت. ورحت أصحب الطريق ماشيا على غير ما هدى (ولا أدري لماذا).
وكان على ضفة النهر كوخ تظلله شجرة. وفلانة تعمل عملا، ولأساورها نغمات ترن في الزاوية. ووقفت إلى ذلك الكوخ، وما أدري لماذا.
ومنذ سنين كان يوم من شهر آذار (مارس) الذي يتنفس فيه الربيع، وكانت أزهار «الهمب» (شجرة المنجو) تتساقط على التراب. واشرأبت موجة من النهر ولثمت الإناء النحاسي الذي كان ملقى على درجة الرصيف. إنني لا أزال أذكر ذلك اليوم من شهر آذار ذي النسيم العليل، وما أدري لماذا (أذكره).
ها الظلال يشتد اسودادها وهو ذا القطيع عائد إلى حظيرته. وقد اكفهر النور فوق المرج الأخضر، وقد وقف القرويون ينتظرون الزورق (لينقلهم إلى العدوة الأخرى)، وأنا أعود أدراجي وما أعلم لماذا.
هوامش
الفصل العاشر
أما هذه الأبيات فهي على ما ترى لا تكاد تكون غريبة عن مألوفنا. ولعل الجدير بلفت النظر إليه من أمرها ما يتجلى فيها من حكمة وعبرة. أما الحكمة التي يرمي إليها الشاعر، فهي توخي القناعة والرضى في طلب السعادة. والفكرة جلية غنية عن البيان. وأما العبرة فهي بأمر الغزال المعروف بغزال المسك الذي يقال: أن له سرة تفرز غددها مادة هي المسك بعينه. وقد روى لنا بعضهم أن غزال المسك هذا يحس ألما في سرته، فيلتمس نتوءا من صخرة يحكها به فتنفجر الغدد ويخرج منها ذلك الإفراز. والمسك جليل القدر غالي القيمة عند الناس. ولكنه ليس للغزال إلا ألما وعذابا. فالإنسان يتجول في البراري ويقاسي التعب والنصب في طلب ذرة من المسك يعثر بها على صخرة أثرا بعد عين لغزال لا يعبأ بمسكه، بل يرقى الحزون ويهبط الوهاد طلبا لعشب يأكله:
يا غزال الوادي ربيب الظلال
Bog aan la aqoon