(قال الفقيه) رحمه الله: إن استطعت أن لا تخاصم في مسألة القدر فافعل فإنه نهى عن الخوض فيها. وروى عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((إذا ذكر القدر فأمسكوا، وإذا ذكر النجوم فأمسكوا، وإذا ذكر أصحابي فأمسكوا)) وذكر في الخبر أن عزيرا النبي عليه السلام سأل ربه عن القدر فقال: يا رب إنك قدرت الخير والشر وتعاقبهم على الشر إن فعلوه، فأوحى الله تعالى إليه يا عزير لا تسألني عن هذه المسألة فإنك إن سألتني بعد ما نهيتك عن ذلك محوت اسمك من ديوان الأنبياء. وقد جاءت الآثار عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((القدر خيره وشره من الله تعالى)). وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: ((أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حين سأله جبريل عن الإيمان فقال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره من الله تعالى)) وروي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: ((بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما في ملأ من الناس، فلما دنوا سلما على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال بعض القوم: يا رسول الله القدر خيره وشره من الله أم الخير من الله والشر منا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: كلاهما من الله تعالى. قال أبو بكر: الحسنات من الله والسيئات منا، وقال عمر الحسنات والسيئات كلها من الله تعالى، فتابع بعض القوم أبا بكر وتابع بعض القوم عمر، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: سأقضي بينكما بما قضى الله به بين جبريل وميكائيل، فأما جبريل فقال مثل مقالتك يا عمر، وأما ميكائيل فقال مثل مقالتك يا أبا بكر. قال جبريل: إذا اختلف أهل السماء واختلف أهل الأرض فهلم نتحاكم إلى إسرافيل، فقصا عليه القصة فقضى بينهما أن القدر خيره وشره من الله تعالى، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهكذا أقضي بينكما ثم قال: يا أبا بكر لو شاء الله أن لا يعصى في أرضه لم يخلق إبليس)) والله أعلم.
الباب الثامن والعشرون بعد المائة: في الرفض
(قال الفقيه) رحمه الله: روي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: يهلك في اثنان محب مفرط ومبغض مفرط. وقال أيضا رضي الله تعالى عنه: يخرج في آخر الزمان قوم ينتحلون شيعتنا وليسوا من شيعتنا لهم نبز يقال لهم الروافض، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون. وروى ميمون بن مهران عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يكون في آخر الزمان قوم ينبزون بالروافض يرفضون الإسلام ويلفظونه فاقتلوهم فإنهم مشركون)) وقالوا: من شتم هؤلاء: يعني الصحابة، فهو كافر، ومن أبغضهم فهو رافضي. ويقال: إن هرون الرشيد قتلهم بهذا الحديث. وقال عامر الشعبي: الرفض سلم الزندقة، فما رأيت رافضيا إلا رأيته زنديقا.
الباب التاسع والعشرون بعد المائة: فيمن حضره العشاء وأقيمت الصلاة
(قال الفقيه) رحمه الله: إذا وضع الرجل الطعام بين يديه وأقيمت الصلاة فلا بأس أن يفرغ من الأكل ثم يصلي إذا كان لا يخاف فوت الوقت، لأنه لو قام إلى الصلاة بعد ما أخذ في الطعام قبل أن يأكل يكون قلبه مشغولا، فلو كان في الطعام وقلبه في الصلاة كان أفضل من أن يكون في الصلاة وقلبه مع الطعام، وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه حضرته الصلاة وأحضر العشاء فقال: نبدأ بالنفس اللوامة. وروى نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((إذا كان أحدكم على طعام فلا يعجلن حتى يقضي حاجته منه وإن أقيمت الصلاة)) وروي عن عبد الله بن أرقم عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((إذا حضرت أحدكم الصلاة وحضر الغائط فابدأوا بالغائط)) وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يصلي أحدكم وهو زناء)) يعني به بول، والمعنى في ذلك أن قلبه يكون مشغولا.
Bogga 402