(قال الفقيه) رحمه الله: لا تأخذ بهذا القول بل يكون عليهم حفظة والآية نزلت بذكر الحفظة في شأن الكفار ألا ترى إلى قوله تعالى: {كلا بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين. كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون} وقال في آية أخرى: {وأما من أوتي كتابه بشماله} وقال: {وأما من أوتي كتابه وراء ظهره} فأخبر سبحانه وتعالى أن الكفار يكون لهم كتاب وأن يكون عليهم حفظة. فإن قيل الذي يكون عن يمينه أي شيء يكتب إذا لم تكن حسنة؟ قيل الذي يكتب عن شماله يكتب بإذن صاحبه ويكون شاهدا على ذلك وإن لم يكتب ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم.
الباب الخامس والتسعون: في قتل الجراد
(وقال الفقيه) رحمه الله: اختلف الناس في قتل الجراد. قال بعضهم: لا يجوز قتله. وقال أهل الفقه كلهم: لا بأس بقتله. فأما من كره قتله فقال: لأنه خلق من خلق الله تعالى يأكل من رزق الله تعالى لا يجري عليه القلم. وأما من قال لا بأس بقتله فلأن في تركه فساد الأموال وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم في قتل المسلم إذا أراد أخذ مال المسلمين، وهو ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قتل دون ماله فهو شهيد)) والجراد إذا أراد فساد الأموال كان أولى أن يجوز قتله ألا ترى أنهم اتفقوا على أنه يجوز قتل الحية والعقرب لأنهما يؤذيان الناس وكذلك الجراد. وروي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ((أنه كان إذا دعا على الجراد قال: اللهم اهلك صغاره واقتل كباره وافسد بيضه واقطع دابره وخذ بأفواهه عن معايشنا وارزقنا إنك سميع الدعاء، فقيل يا رسول الله تدعو على جند من جند الله تعالى بقطع دابره؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ((إن الجراد نثرة حوت من البحر)) وروى جابر قال: قتل الجراد على عهد عمر رضي الله تعالى عنه فاغتم لذلك فبعث راكبا نحو اليمن وراكبا نحو الشام وراكبا نحو العراق، فأتاه الراكب من قبل اليمن بقبضة من جراد فألقاها بين يديه فلما رآه عمر رضي الله تعالى عنه قال: الله أكبر، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خلق الله تعالى ألف أمة ستمائة في البحر وأربعمائة في البر، فأول شيء يهلك من هذه الأمم الجراد فإذا هلك الجراد تتابعت سائر الأمم في الهلاك مثل نظام انقطع سلكه)) والله أعلم.
الباب السادس والتسعون: في نقش المسجد
Bogga 375