(قال الفقيه) إن فعل ذلك كان أنفع لبدنه وإن تركه فأرجو أن لا يضره لأنه روي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((أنه كان ينام جنبا ولا يمس الماء)) وقال ابن المقفع: من احتلم ولم يغتسل ثم أتى أهله فولدت منه مجنونا ومخبلا فلا يلومن إلا نفسه، ولا يغر الجاهل أن يقول طالما فعلت هذا ولم يضرني، لأن السارق لو أخذ في أول مرة لم يسرق أحد، ولو ابتلي في أول مرة لم تر في الدنيا صحيحا. ويقال إذا فرغ الرجل من الجماع لا ينبغي له أن يغتسل بالماء البارد إلا بعد هنيهة حتى يسكن ما به فإنه يخاف منه الحمى وينبغي أن يغسل ذكره بعد فراغه لأنه أصح للجسم وأبعد من الآفة ويقال الإكثار من الجماع في أيام الصيف والخريف أكثر ضررا. وفي الشتاء والربيع أقل ضررا والقصد أسلم. والجماع في حال خلاء البطن أقل ضررا وفي حال امتلاء البطن أكثر ضررا. ويقال إذا جامع في حال الامتلاء فحبلت يكون الولد ثقيل النفس ثقيل الروح، وإذا حبلت في حال خلاء البطن يكون الولد خفيف النفس خفيف الروح. والجماع في آخر الليل يكون أحمد من أوله لأن المعدة في أول الليل ممتلئة. ويقال أربعة يهدمن العمر وربما يقتلن: دخول الحمام مع البطنة، وأكل القديد الجاف، والغشيان على الامتلاء، وجماع العجوز. ويقال إذا فرغت من جماعك فلا تقومن قائما ولكن مل على يمينك واضطجع فإنه أنفع للجسم ويقال إذا فعل ذلك يكون الولد ذكرا إن شاء الله تعالى. ولا ينبغي للرجل أن يجامعها ما لم يلاعبها ويعرف الشهوة في عينيها إن ذلك أروح للبدن وأجدر أن يكون الولد تاما. ويقال كل شهوة يعطيها الرجل نفسه فإنها تقسي قلبه إلا الجماع فإنه يصفي القلب، ولهذا كان يفعله الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
والجماع قد يكون فيه بعض المنافع وقد يكون به ضرر أيضا. أما منافعه فهو أن الرجل لو كان له هم فإنه بالجماع يقل عنه ذلك ولو كان قلبه متعلقا بحرام يزول عنه، ويزول الوسواس عن القلب، ويسكن الغضب، وينفع من بعض القروح في النفس إذا كانت طبيعته الحرارة. وأما مضرته فإنه يضعف البدن ويضعف البصر ويولد منه وجع الساقين ووجع الرأس ووجع الظهر خصوصا من كانت طبيعته البرودة واليبوسة والإقلال منه أنفع له وأحمد، ولا ينبغي له أن يتكلم وقت الجماع فإنه يخاف على الولد الخرس إن علقت في ذلك الوقت، وينبغي أن يكون مستورين في حال الجماع فإنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يتجردان كما يتجرد العيران)) ويقال إذا لم يكونا مستورين يكون في الولد قلة الحياء، ويقال جماع العجوز يضعف البدن ويسرع الهرم وجماع المريضة يخاف عليه السقم والمرض إلا أن يكون من شبق غالب. وكره بعض الأطباء العود إلى الجماع قبل أن يغتسل أو ينام قبل أن يغتسل ولكن عندنا لو فعل فلا بأس وترجى منه السلامة. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم الرخصة في هذا وقد كان مشفقا على أمته، ولو كان فيه ضرر ظاهر لم يرخص فيه ولا ينبغي للرجل أن يجامع قائما فإن ذلك يضعف البدن.
Bogga 371