(قال الفقيه) رحمه الله: ينبغي للرجل أن لا يكثر الأكل ولا يأكل فوق الشبع، فإن ذلك مذموم عند الله وعند الناس وهو مضر بالبدن. وقد روي عن بعض الأطباء أنه قيل له: هل تجد الطب في كتاب الله تعالى؟ قال: نعم، قد جمع الله تعالى الطب كله في هذه الآية: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} يعني الإسراف في كثرة الأكل يتولد منه الأمراض. وقال الحسن البصري: حلية الرجل في أربعة أشياء: أن يكون قادرا على خلقه، ويتكلم بالوزن، ويعامل برأس ماله، ويحفظ المدخل والمخرج. وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: إن من السرف أن يأكل الرجل كل ما يشتهي. وروي عن سمرة بن جندب: أن ابنا له أكل حتى أتخم فتقيأ فقال سمرة: لو مت ما صليت عليك. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه حسب ابن آدم أكيلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)) ويقال في كثرة الأكل خمس خصال مذمومة: أولها أن يذهب خوف الله من قلبه. والثاني أن يثقل عليه الطاعات. والثالث إذا سمع كلام الحكمة لا يجد له رقة. والرابع إذا تكلم بالحكمة والموعظة لا يقع كلامه في قلوب الناس. والخامس يهيج منه الأمراض. ويقال: أربع خصال في الطعام فريضة، وأربع سنة، وأربع آداب واثنان دواء، واثنان مكروهة. فأما الأربع التي في الفريضة فأولها أن لا يأكل إلا من حلال. والثاني أن يعلم أنه من الله تعالى. والثالث أن يكون به راضيا. والرابع أن لا يعصي الله ما دامت قوة ذلك الطعام فيه. وأما الأربع التي هي سنة: فأولها أن يسمي الله تعالى في الابتداء. والثاني أن يحمده في الانتهاء. والثالث أن يغسل يديه قبل الطعام وبعده. والرابع أن يثني رجله اليسرى وينصب اليمنى عند الجلوس. وأما الأربع التي هي آداب: فأولها: أن يأكل ما يليه. والثاني: أن يصغر اللقمة. والثالث: أن يمضغها مضغا ناعما. والرابع: أن لا ينظر إلى لقمة غيره. وأما اللذان هما دواء فأحدهما أن يأكل ما سقط من المائدة. والثاني: أن يلحس القصعة. يعني ينقيها. وأما اللذان نهى عنهما فأحدهما أن لا يشم الطعام وأن لا ينفخ فيه ولا يأكله حارا حتى يبرد لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا بركة في الحار)) والله أعلم.
الباب الثالث والخمسون بعد المائة: في التحية
Bogga 418