(قال الفقيه) رحمه الله تعالى: قال بعض الحكماء: من أبصر عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره، ومن تعرى من لباس التقوى لم يستتر بشيء، ومن رضي برزق الله لم يحزن على ما في يد غيره، ومن سل سيف البغي قطع به، ومن حفر لأخيه بئرا وقع فيه، ومن هتك حجاب غيره انكشفت عورته، ومن نسي زلة نفسه استعظم زلة غيره، ومن كابد الأمور عطب ومن استغنى بعقل نفسه زل، ومن تكبر في الناس ذل، ومن تعمق في العلم مل، ومن فخر على الناس قصم، ومن سفه عليهم شتم، ومن صاحب الأراذل حقر، ومن جالس العلماء وقر، ومن دخل مدخل السوء اتهم، ومن تهاون بالدين ارتطم، ومن اغتنم أموال الناس افتقر، ومن انتظر العاقبة اصطبر، ومن جهل موضع قدمه مشى في ندامة، ومن خشي الله فاز، ومن لم يجرب الأمور خدع، ومن صارع أهل الحق صرع، ومن احتمل ما لا يطيقه عجز، ومن عرف أجله قصر أمله، ومن استعان بالجهل ترك طريق العدل، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ويقال جزية المسلم كراء بيته. وفك رقبته وفاء دينه، وذل رقبته دينه، وعذابه سوء خلق امرأته. وقال بعض الحكماء: لقاء الإخوان تلقيح العقول. وروى أبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها)).
(قال الفقيه): إنما أراد بالأترجة أترجة أهل الحجاز يكون طعمها طيبا وريحها طيبا وهو حلو في الأكل وأما الأترجة التي في بلادنا فلا يكون لها طعم وإن كان ريحها طيبا، والله سبحانه وتعالى أعلم.
الباب الأربعون بعد المائة: في العمارة والبناء
(قال الفقيه) رحمه الله: كره بعض الناس أن ينفق ماله في البناء واحتجوا بما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((إذا أراد الله بعبد شرا أهلك ماله في اللبن)) وفي خبر آخر عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: ((من بنى فوق ما يكفيه جاء يوم القيامة حامله على عنقه)) وروي عن الحسن البصري أن رجلا قال له إني بنيت دارا فادخلها وادع بالبركة، فقام الحسن مع أصحابه ونظر في الدار فقال: أخربت دار نفسك وعمرت دار غيرك؟ غرك من في الأرض ومقتك من في السماء، فقال بعضهم: لا بأس به لأن الله تعالى قال: {تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله} فأخبر جل جلاله أن بناء القصور من نعم الله تعالى، وقال في آية أخرى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق} وذكر أن ابنا لمحمد بن سيرين بنى دارا فأنفق فيها مالا كثيرا فذكر ذلك لمحمد بن سيرين فقال: ما أرى بأسا بأن يبني الرجل بماله ما ينفعه. وروي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((إذا أنعم الله على عبده نعمة أحب أن يرى عليه أثر النعمة)) وآثار النعم البناء الحسن والثياب الحسنة، ألا ترى أنه لو اشترى جارية جميلة بمال عظيم فإنه يجوز وقد يكفيه دون ذلك فكذا البناء.
(قال الفقيه) رحمه الله تعالى: الأفضل أن يصرف ماله في أمر آخرته فإن أنفق في أمر دنياه في البناء والثياب فهو غير حرام بعد أن يجتنب ثلاثة أشياء: أولها أن لا يكتسب المال من حرام أو شبهة، والثاني أن لا يظلم مسلما ولا معاهدا، والثالث أن لا يضيع فريضة من فرائض الله تعالى، والله تعالى أعلم.
Bogga 409