(قال الفقيه) رحمه الله: اعلم أنه إذا أهدى إليك إنسان هدية فإن لم يكن الذي أهدى إليك ظالما ولم يكن ماله حراما فالأفضل أن تقبل الهدية وتكافئه بأفضل منه أو مثله فإن عجزت عن المكافأة بالمال فبالدعاء وحسن الثناء. وقد روي عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((من لم يشكر الناس لم يشكر الله تعالى)) وروي عن ابن عمر عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((من أهدى إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى يعلم أنكم قد كافأتموه)) وروي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((أجيبوا الداعي ولا تردوا الهدية)) وروى أنس عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ((الهدية تذهب السمع والقلب والعداوة)). وروى عطاء الخراساني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((تصافحوا فإن التصافح يذهب الغل، وتهادوا تحابوا، فإن الهدية تذهب بالشحناء)). وروى جابر عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((أشكر الناس لله تعالى أشكرهم لعباده، ومن لم يشكر القليل لم يشكر الكثير)) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((من أهدي إليه خبر فليجز عليه، فإن عجز عن جزائه فليثن عليه، فإن لم يثن عليه فقد كفر النعمة)) وروى ابن عباس عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: ((من أهدي إليه هدية وعنده قوم فهم شركاؤه)).
(قال الفقيه) رحمه الله: تكلم الناس في معنى هذا الحديث وتأويله. قال بعضهم: الحديث على ظاهره فكل من أهدي إليه هدية فجلساؤه شركاؤه، وقال أهل الفقه: الخبر على وجه الاستحباب يستحب له أن يشاركهم على سبيل الكرم والمروءة فإن لم يفعل فلا يجبر عليه. وروي عن أبي يوسف القاضي رحمه الله أنه أهدي إليه شيء فروى هذا الحديث بعض أصحابه فقال أبو يوسف: إن الحديث في الفاكهة ونحوها: قال الفقيه سمعت الفقيه أبا جعفر يقول: أهدي إلى أبي القاسم أحمد بن أحمد فذكر له هذا الحديث قال فيه: إنهم شركاء في السرور لا في الهدية ثم قال: الخبر في مثل أصحاب الصفة والخانقاهات، فأما إذا كان فقيها من الفقهاء اختص بهدية فلا شركة لأصحابه إلا أن يشركهم فيها كرما وجودا منه.
الباب السابع والثلاثون بعد المائة: في تشميت العاطس
(قال الفقيه) رحمه الله تعالى: روى أنس بن مالك قال: ((عطس رجلان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر، فقيل يا رسول الله شمت هذا ولم تشمت هذا فقال: إن هذا حمد الله وهذا لم يحمد الله)).
Bogga 406