[فإذا كملت هذه الأدوات ورأى من طبعه] انقيادا لقول الشعر وسماحة به قاله وتكلفه، وإلا لم يكره عليه نفسه، فالقليل مما تسمح به النفس، ويأتي به الطبع خير من الكثير [الذي] يحمل فيه عليها، وإن أعين مع هذا بأن يكون في شرف من قومه، ومحل من أهل # دهره، كان قليل ما يأتي به من الصواب كثيرا، وكثيره جليلا خطيرا، ولذلك قال الشاعر:
(وخير الشعر أكرمه رجالا ... وشر الشعر ما قال العبيد)
وقال على بن الجهم في قريب من هذا المعنى:
(وما أنا ممن سار بالشعر ذكره ... ولكن أشعاري يسير بها ذكري)
(ولا كل من قاد الجياد يسوقها ... ولا كل من أجرى يقال له مجرى)
والذي يسمى به الشعر فائقا، ويكون إذا اجتمع فيه مستحسنا رائقا: صحة المقابلة، وحسن النظم، وجزالة اللفظ، واعتدال الوزن، وإصابة التشبيه، وجودة التفصيل، وقلة التكليف، والمشاكلة في المطابقة، وأضداد هذه كلها معيبة تمجها الآذان، وتخرج عن وصف البيان.
فأما صحة المقابلة فمثل قول الشاع:
(أميل مع الذمام على ابن أمي ... وأحمل الصديق على الشقيق)
Bogga 139