أما من افتتح من الأرضين عنوة، فالإمام فيها مخير إن شاء قسمها بين أهلها المستحقين لها، وأخذ الخمس منها فقسمه على أهله، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بني النضير، فإذا فعل ذلك صارت أرض عشر، وملكها أهلها، وكان ما يؤدون عنها صدقة، وإن شاء أن يقرها في أيدي أهلها بخراج يضربه عليهم، أو مقاسمة، أو معاملة إن كانت نخلا وشجرا، ويكون ذلك فيئا يقسمه على أهل الفيء مع ما يقبضه من جزية رءوس أهل الذمة فعل ذلك، وقد أقر عمر - رضوان الله عليه - بمشورة من # الصحابة الخراج في أيدي أهله، وضرب عليهم الخراج لكل جريب درهم وقفيز، وأحسب ذلك قد كان رسما في أيام الإمام، فأقره عمر لأن زهيرا وكان جاهليا يقول:
(فتغلل لكم مالا تغل لأهلها ... قرى بالعراق من قفيز ودرهم)
وجعل على أهل الذمة الجزية طبقات، وإنما كانت تؤخذ منهم في أيام النبي - صلى الله عليه وسلم - لكل حالم دينار قيمته من المعافر، فجعل هو الطبقة العليا أربعة دنانير، والوسطى دينارين، والسفلى دينارا واحدا. وللإمام أن يزيد في الخراج والجزية، ويقبض منها على حسب ما يراه أعمر للبلاد، وأرفق بالعباد، وهذا مذهب أكثر الفقهاء. وأصل أراضي العنوة للمسلمين مشاع بينهم، وإنما يتبايع الناس فيها السكنى، وقيمة الأبنية والنخل والشجر وغير ذلك.
Bogga 313