والآخر من أراد مناقضتك في مذهبك، ولم ينصب لنفسه مذهبا يجب له عليك فيه بمخالفتك إياه المخاصمة، فليس تلزمك له حجة في ذلك، # ولا يجب له عليك فيه سؤال. ومثال ذلك أن رجلا لو صار إلى بعض الأئمة والحكام برجل قد قتل رجلا، أو أخذ ماله، وأقام البينة على ذلك، ثم لم يكن ولي الدم، ولا صاحب المال، ولا وكيلا لأولياء الدم، أو لصاحب المال، فلم يكن للإمام ولا للحاكم أن يقيما حدا عليه، [أو يطالباه برد ما أخذ]، إذ كان الرافع له والمطالب بذلك فيه غير مستحق للمطالبة بما يجب عليه من الحكم.
والعلل علتان: قريبة وبعيدة.
فالقريبة: ما كان المعلول تاليها، والبعيدة ما كان بينه وبينها غيره وذلك كوالد الذي علته القريبة النكاح، وعلته البعيدة والداه، والعلل وجوه: منها اعتبارها فإن اطردت في معلوماتها صحت، وإن قصرت عن شيء من ذلك علم أنها غير صحيحة؛ ومثال ذلك أن الحركة لما كانت علة المتحرك، كان قولنا إذا سئلنا عن الجسم المتحرك: ما علة حركته؟ فقلنا حلول الحركة فيه قولا صحيحا، لأنه يطرد في معلوماته، ويوجد في كل جسم متحرك، فأما (إذا) سئلنا عن العلة في حركة الجسم فقلنا: لأنه جسم، كان ذلك باطلا؛ لأنه قد تكون أجسام لا حركة فيها.
ومنها: أن تكون العلة في صحة الشيء هي العلة في بطلان ضده، إذا كان صدا لا واسطة له، وقد مضى تمثيل ذلك.
Bogga 181