الرسائل:
فأما الرسائل فهي مستغنية عن جهارة الصوت، وسلامة اللسان من العيوب، لأنها بالخط تنقل فتحتاج إلى أن يساعد حسنها حسن الحظ، فإن ذلك يزيد في بهائها ويقربها من قلب قارئها، والأصل في الخط أن تكون حروفه بينة قائمة، ومن الأشكال بعيدة سالمة، ثم إن كان مع صحته وبيانه حلوا حسنا، كان ذلك أزيد في وصفه، وألا يستعمل فيه التحنيف الذي يعميه إلا مع من جرت عادته بقراءة مثل ذلك، واستعماله كنحو ما جرت به عادة الكتاب في تعليق الميم، وإقامة الكاف، وتصيير شكلة عليها تفرق بينها وبين اللام، ومد الشين، وتصير شكلة عليها، أو بتنقيط ثلاث نقط من فوقها، فغن استعمال ذلك مع من قد جرت عادته باستعماله كاستعمال الغريب مع من يفهمه، واستعمال إقامة الحروف على حقائقها وأصول أشكالها، كاستعمال المعهود من الكلام المصطلح عليه مع سائر الناس، وألا يكثر مد الحروف التي لم تجر العادة بمدها، فإن أبا أيوب رحمه الله، كان يقول: المدة في غير موضعها لحن في الخط، وأن يتفقد قلبه بقطه وتسويته فإن ابا ايوب كان يقول: "القلم الردئ كالولد العاق" ومما يزيد الخط حسنا، ويمكن له في القلب، وضعا شدة سواد المداد. وجودة الإفة الدراة، يجرى من الخط مجرى القطن من الثوب، [فمتى كان] القطن ردئ # الجوهر لم ينفع النساج حذقه، ووضع من الثوب سوء جوهره، وإن أحكم الصانع صنعته.
Bogga 172