281

Burhan Fi Culum Quran

البرهان في علوم القرآن

Tifaftire

محمد أبو الفضل إبراهيم

Daabacaha

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

وَقِيلَ مِنْ سُورِ الْمَدِينَةِ لِإِحَاطَتِهَا بِآيَاتِهَا وَاجْتِمَاعِهَا كَاجْتِمَاعِ الْبُيُوتِ بِالسُّورِ وَمِنْهُ السُّوَارُ لِإِحَاطَتِهِ بِالسَّاعِدِ وَعَلَى هَذَا فَالْوَاوُ أَصْلِيَّةٌ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنَ السُّورَةِ بِمَعْنَى الْمَرْتَبَةِ لِأَنَّ الْآيَاتِ مَرَتَّبَةٌ فِي كُلِّ سُورَةٍ تَرْتِيبًا مُنَاسِبًا وَفِي ذَلِكَ حُجَّةٌ لِمَنْ تَتَبَّعَ الْآيَاتِ بِالْمُنَاسَبَاتِ
وَقَالَ ابْنُ جِنِّي فِي شَرْحِ مَنْهُوكَةِ أَبِي نُوَاسٍ إِنَّمَا سُمِّيَتْ سُورَةً لِارْتِفَاعِ قَدْرِهَا لِأَنَّهَا كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهَا مَعْرِفَةُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَمِنْهُ رَجُلٌ سَوَّارٌ أَيْ مُعَرْبِدٌ لِأَنَّهُ يَعْلُو بِفِعْلِهِ وَيَشْتَطُّ وَيُقَالُ أَصْلُهَا مِنَ السَّوْرَةِ وَهِيَ الْوَثْبَةُ تَقُولُ سُرْتُ إِلَيْهِ وَثُرْتُ إِلَيْهِ وَجَمْعُ سُورَةِ الْقُرْآنِ سُوَرٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَجَمْعُ سُورَةِ الْبِنَاءِ سُورٌ بِسُكُونِهَا وَقِيلَ هُوَ بِمَعْنَى الْعُلُوِّ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: ﴿إذ تسوروا المحراب﴾ نَزَلُوا عَلَيْهِ مِنْ عُلْوٍ فَسُمِّيَتِ الْقِرَاءَةُ بِهِ لِتَرَكُّبِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ وَقِيلَ لِعُلُوِّ شَأْنِهِ وَشَأْنِ قَارِئِهِ ثُمَّ كَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُقَالَ سُورَةُ كَذَا وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا مُقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ
وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَقَالَ الْجَعْبَرِيُّ: حَدُّ السُّورَةِ قُرْآنٌ يَشْتَمِلُ عَلَى آيٍ ذَوَاتِ فَاتِحَةٍ وَخَاتِمَةٍ وَأَقَلُّهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْحِكْمَةُ فِي تَقْطِيعِ الْقُرْآنِ سُوَرًا؟ قُلْتُ: هِيَ الْحِكْمَةُ فِي تَقْطِيعِ السُّوَرِ آيَاتٍ مَعْدُودَاتٍ لِكُلِّ آيَةٍ حَدٌّ وَمَطْلَعٌ حَتَّى تَكُونَ كُلُّ سُورَةٍ بَلْ كُلُّ آيَةٍ فَنًّا مُسْتَقِلًّا وَقُرْآنًا مُعْتَبَرًا وَفِي تَسْوِيرِ السُّورَةِ تَحْقِيقٌ لِكَوْنِ السُّورَةِ بِمُجَرَّدِهَا مُعْجِزَةً وَآيَةً مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُوِّرَتِ السُّوَرُ طِوَالًا وَقِصَارًا وَأَوْسَاطًا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الطُّولَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْإِعْجَازِ فَهَذِهِ سُورَةُ الْكَوْثَرِ ثَلَاثُ آيَاتٍ وَهِيَ مُعْجِزَةٌ إِعْجَازَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ ظَهَرَتْ لِذَلِكَ حِكْمَةٌ فِي التَّعْلِيمِ وَتَدْرِيجِ الْأَطْفَالِ مِنَ السُّوَرِ الْقِصَارِ إِلَى

1 / 264