109

Burhan Fi Culum Quran

البرهان في علوم القرآن

Baare

محمد أبو الفضل إبراهيم

Daabacaha

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فإن الله عزيز حكيم﴾ فَمُنَاسَبَةُ الْجَزَاءِ لِلشَّرْطِ أَنَّهُ لَمَّا أَقْدَمَ الْمُؤْمِنُونَ وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشْرَ عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ زُهَاءَ أَلْفٍ مُتَوَكِّلِينَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وقال المنافقون: ﴿غر هؤلاء دينهم﴾ حَتَّى أَقْدَمُوا عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْثَالِهِمْ عَدَدًا أَوْ أَكْثَرِهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى رَدًّا عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَتَثْبِيتًا لِلْمُؤْمِنِينَ: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ الله عزيز حكيم﴾ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا﴾ فَإِنْ قِيلَ: مَا وَجْهُ الْخِتَامِ بِالْحِلْمِ وَالْمَغْفِرَةِ عُقَيْبَ تَسَابِيحِ الْأَشْيَاءِ وَتَنْزِيهِهَا أَجَابَ صَاحِبُ الْفُنُونِ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: إِنْ فَسَّرْنَا التَّسْبِيحَ عَلَى مَا دَرَجَ فِي الْأَشْيَاءِ مِنَ الْعِبَرِ وَأَنَّهَا مُسَبِّحَاتٌ بِمَعْنَى مُوَدِّعَاتٍ مِنْ دَلَائِلِ الْعِبَرِ وَدَقَائِقِ الْإِنْعَامَاتِ وَالْحِكَمِ مَا يُوجِبُ تَسْبِيحَ الْمُعْتَبِرِ الْمُتَأَمِّلِ فَكَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ إِنَّهُ كَانَ مِنْ كَبِيرِ إِغْفَالِكُمُ النَّظَرُ فِي دَلَائِلِ الْعِبَرِ مَعَ امْتِلَاءِ الأشياء بذلك وموضع العتب قوله: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عليها وهم عنها معرضون﴾ كَذَلِكَ مَوْضِعُ الْمَعْتَبَةِ قَوْلُهُ: ﴿وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تسبيحهم﴾ وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفُوا بِالتَّأَمُّلِ مَا يُوجِبُ الْقُرْبَةَ لِلَّهِ مِمَّا أَوْدَعَ مَخْلُوقَاتِهِ بِمَا يُوجِبُ تَنْزِيهَهُ فَهَذَا مَوْضِعُ حِلْمٍ وَغُفْرَانٍ عَمَّا جَرَى فِي ذَلِكَ مِنَ الْإِفْرَاطِ وَالْإِهْمَالِ
الثَّانِي: إِنْ جَعَلْنَا التَّسْبِيحَ حَقِيقَةً فِي الْحَيَوَانَاتِ بِلُغَاتِهَا فَمَعْنَاهُ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا تُسَبِّحُهُ

1 / 92