103

Burhan Fi Culum Quran

البرهان في علوم القرآن

Tifaftire

محمد أبو الفضل إبراهيم

Daabacaha

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

تَنْبِيهٌ
مِنْ بَدِيعِ هَذَا النَّوْعِ اخْتِلَافُ الْفَاصِلَتَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَالْمُحَدِّثُ عَنْهُ وَاحِدٌ لِنُكْتَةٍ لَطِيفَةٍ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ: ﴿وَإِنْ تعدوا نعمت اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾
ثُمَّ قَالَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
قَالَ الْقَاضِي نَاصِرُ الدِّينِ بْنُ الْمُنِيرِ فِي تَفْسِيرِهِ الْكَبِيرِ كَأَنَّهُ يَقُولُ إِذَا حَصَلَتِ النِّعَمُ الْكَثِيرَةُ فَأَنْتَ آخِذُهَا وَأَنَا مُعْطِيهَا فَحَصَلَ لَكَ عِنْدَ أَخْذِهَا وَصْفَانِ كَوْنُكَ ظَلُومًا وَكَوْنُكَ كَفَّارًا وَلِي عِنْدَ إِعْطَائِهَا وَصْفَانِ وَهَمًّا أَنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ أُقَابِلُ ظُلْمَكَ بِغُفْرَانِي وَكُفْرَكَ بِرَحْمَتِي فَلَا أُقَابِلُ تَقْصِيرَكَ إِلَّا بِالتَّوْفِيرِ وَلَا أُجَازِي جَفَاءَكَ إِلَّا بِالْوَفَاءِ انْتَهَى
وَهُوَ حَسَنٌ لَكِنْ بَقِيَ سُؤَالٌ آخَرُ وَهُوَ مَا الْحِكْمَةُ فِي تخصيص آية النحل بوصف المنعم وَآيَةِ إِبْرَاهِيمَ بِوَصْفِ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ فِي وَصْفِ الْإِنْسَانِ وَمَا جُبِلَ عَلَيْهِ فَنَاسَبَ ذِكْرُ ذَلِكَ عُقَيْبَ أَوْصَافِهِ وَأَمَّا آيَةُ النَّحْلِ فَسِيقَتْ فِي وَصْفِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِثْبَاتِ أُلُوهِيَّتِهِ وَتَحْقِيقِ صِفَاتِهِ فَنَاسَبَ ذِكْرَ وَصْفِهِ سُبْحَانَهُ فَتَأَمَّلْ هَذِهِ التَّرَاكِيبَ مَا أَرْقَاهَا فِي دَرَجَةِ الْبَلَاغَةِ
وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْجَاثِيَةِ: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا

1 / 86