Dhiseyaasha Islaamka: Muxammad iyo Khulafadiisa
بناة الإسلام: محمد وخلفاؤه
Noocyada
وزوج ابنته، وأبي ابنيه، خلق من طينته، وتفرع عن نبعته، وخصه بسره، وجعله باب مدينته، وأعلم بحبه المسلمين، وأبان ببغضه المنافقين، فلم يزل كذلك يؤيده الله بمعونته، ويمضي على سنن استقامته، يفرح لراحة اللذات، وهو يفلق الهام، ويكسر الأصنام، وإذ صلى والناس مشركون، وأطاع والناس مرتابون، فلم يزل كذلك حتى قتل مبارزي بدر، وأفنى أهل أحد، وفرق جمع هوازن، فيا لها من وقائع زرعت في قلوب قومهم نفاقا وردة وشقاقا ...» إلخ.
ثم أمسك معاوية عن الكلام، وبعد هنيهة استتلى وقال: ثم أراك على عصاك هذه (وأشار إلى العكازة) قد انكفأ عليك العسكر يقولون: هذه عكرشة. ولولا أن أمر الله قدر مقدور لتغيرت العاقبة، فما حملك على هذا؟ - يا أمير المؤمنين، يقول الله جل ذكره:
يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ، وإن اللبيب إذا كره أمرا لا يحب إعادته. - صدقت، اذكري حاجتك. - كانت صدقاتنا تؤخذ من أغنيائنا، فترد على فقرائنا، وقد فقدنا ذلك، فما يجبر لنا كسير، ولا ينعش لنا فقير، فإن كان عن رأيك فمثلك من انتبه من الغفلة، وراجع التوبة، وإن كان عن غير ذلك فما مثلك من استعان بالخونة، ولا استعمل الظلمة. - يا هذه، إنه ينوبنا من أمور رعيتنا ثغور تتفتق، وبحور تتدفق. - سبحان الله، والله ما فرض الله لنا حقا فجعل فيه ضررا لغيرنا وهو علام الغيوب. - هيهات يا أهل العراق! نبهكم علي فلم تطاقوا ...
فهل ترى اليوم امرأة في العالم تحاسب الحاكم حسابا عسيرا كما حاسبت عكرشة بنت الأطرش أمير المؤمنين معاوية مثل هذا الحساب العسير؟ ثم تنبه إلى وجوب التمسك بشرائع الدين، فلا يسعه إلا أن يرجع إلى الصواب، فيأمر بأن ترد لها صدقاتها، كما ترد سائر صدقات فقراء المسلمين؟
أجل، بمثل هذا القول البليغ كانت المرأة العربية في الإسلام، تطوف بين رجال الجيش، تقوي من عزيمتهم، وتحثهم على شدة الطعن والقتال! بل لقد كانت المرأة العربية تقاتل مع المقاتلين من الرجال، وبين صفوف الجند؛ ففي معركة اليرموك كان ابن الأزور يقاتل إلى جانب خالد بن الوليد قتال المستميت لتفوق الأعداء في العدد والعدة، ولكن كانت الضربة الواحدة من ضرباته تطيح الرءوس، حتى قطعت يده اليسرى، فسارعت أخته إلى تضميد جراحه، وعاد يقاتل أشد قتال، وقد حثته أخته قائلة: «هيا يا ابن الصحراء، هيا فقاتل في سبيل الله، ولا بد من أن تغلب الروم.»
وأخذ ابن الأزور يقاتل بقلب لا يهاب الموت، حتى وقع أسيرا في يد الرومان، وإذا بفارس مقنع يظهر في الميدان، ويقاتل في الصف نفسه الذي كان يقاتل فيه ابن الأزور، ويأتي من فنون الحرب والكر والفر ما جعل خالدا معجبا حائرا متسائلا: من ذا عساه يكون هذا البطل المقنع؟
وما هي إلا لحظات حتى زج ذلك البطل بنفسه بين عسكر الرومان، ثم ظهر بعد ذلك حاملا ابن الأزور.
ولم يستطع خالد بن الوليد صبرا، فنزع القناع عن وجه ذلك البطل، فإذا به أخت ابن الأزور نفسها.
وما شاهد جيش ابن الوليد شجاعة هذه الفتاة وبطولتها حتى دبت الحماسة في قلوب رجاله، واستطاعوا على الرغم من قلة عددهم وتفوق عدد الروم وعدتهم، أن يحرزوا النصر في الميدان.
ثم انظر إلى بلاغة وقدرة المرأة العربية وعظم حصافتها في الدفاع عن نفسها، حين أشار رجال بلاط معاوية عليه بأن يقتل أم الخير (وقد كان لها شأن هي الأخرى معه)، فأجاب معاوية: بئس الرأي؟ أيحسن بمثلي أن يقتل امرأة؟ ثم سألها معاوية: كيف حالك؟ - بخير. أدام الله لك النعمة. - أتدرين فيما بعثت إليك؟ - وأنى لي بعلم ما لم أعلم؟ فلا يعلم الغيب إلا الله عز وجل. - ألست الراكبة الجمل الأحمر يوم صفين تحضين الناس على القتال؟ فما حملك على هذا؟ - مات الرأس، وبتر الذنب، ولن يعود ما ذهب، والدهر ذو غير، والأمر يحدث بعده الأمر . - والله يا أم الخير ما أردت إذ ذاك إلا قتلي، والله لو قتلتك ما خرجت في ذلك، فقالت: والله ما يسوءني يا ابن هند أن يجري الله ذلك على يدي من يسعدني الله بشقائه. - هيهات يا كثيرة الفضول! ما تقولين في عثمان؟ - وما عسيت أن أقول فيه؟ استخلفه الناس وهم له كارهون، وقتلوه وهم راضون. - إيه يا أم الخير، هذا والله أصلك الذي تبنين عليه. - لكن الله يشهد، وكفى بالله شهيدا، ما أردت بعثمان نقصا، ولقد كان سباقا إلى الخير، وإنه لرفيع الدرجة.
Bog aan la aqoon