بلوغ الأرب
بتقريب كتاب الشعب
(تهذيب لكتاب شعب الإيمان للبيهقي)
هذبه
محمد خلف سلامة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور، ولم يكن له في خلقه معين ولا في علمه نظير ولا في ملكه شريك ولا في أمره مشير، ولا في بره وسيط ولا في تدبيره وزير ولا في شأنه وكيل ولا في قهره الخلق نصير، ولا في تقديره من يحسب له ولا في حفظه من يكتب له؛ في كل شيء له آية تدل على أنه واحد حكيم عليم قدير وأنه بكل شيء محيط وكل شيء عليه يسير؛ خلق الإنسان فسواه وعدله، وصوره فأحسن التصوير، وكرمه وعلمه والسبيل يسره، علم نيته وخواطره وأحصى علانيته وسره، فإنه تعالى جده لا يخفى عليه من شأن الناس بل الخلق كلهم شأن كبير أو صغير؛ أوجد الأشياء كلها فأتقن صنعها وأكمل وضعها وأحكم التقدير، فتبارك الله من خالق، فطر السماوات والأرض من غير مثال سابق أو لاحق، ثم ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور، وكما أتم خلقه سبحانه أكمل دينه فلا خلل ولا تقصير؛ ورضيه للناس وحده دون ما سواه، فمن ابتغى الوصول من غير شرعه انقطع به دربه ومن طلب النور من غير مشكاة وحيه أظلم عليه قلبه، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.
Bogga 1
فاللهم إنا نشهدك أننا نشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك، اللهم صل على محمد النبي الأمي الأمين الكريم المبين الشاهد البشير النذير السراج المنير خاتم النبيين الذي بعثته في الأميين يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين؛ وعلى آله وصحبه الهداة المهتدين الغر الميامين أجمعين(1) وسلم، صلاة وسلاما دائمين مباركين غير منقطعين .
Bogga 2
وبعد فهذا كتاب جمعت فيه ما نتخبته من الآثار الموقوفة والمقطوعة التي أوردها الحافظ الشهير المصنف المتفنن أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي رحمه الله في كتابه (شعب الإيمان)، ذلك الكتاب الذي عرف فضله المتقدمون فازدادت عنايتهم به، وما أنصفه المتأخرون - إلا قليلا - بل ظلموه وأهملوه - في الجملة - ولا سيما أهل هذه الأعصر المتأخرة فتأخر طبعه ، ولم يعتنوا به ولم ينتشر الانتشار اللائق به وأعرض عنه كثير من الناس لطوله وكثرة أسانيده وطرقه وتكرارها وضعف كثير من أحاديثه، ولضعف هممهم وقلة علمهم وأمور أخرى، فجهلوا قدره وحرموا من كنوزه إلا القليل جدا منهم؛ فرأيت أن أقوم بشيء من حقه وذلك بخدمة ما ليس مرفوعا من آثاره؛ فاستللتها من أصلها ونظرت فيها كلها، ثم قربتها بإفرادها واختصرتها بحذف إسنادها، ويسرتها بترقيمها، وفسرتها بتقسيمها، وأصلحتها باستدراك سقطها(1) وإزالة غلطها وتصحيح تصحيفها وتحرير تحريفها(1)، على قدر الإمكان - وهذبتها بقذف مطروحها وحذف مجروحها؛ وأوضحت جملة مما قد يشكل منها أو يغمض معناه بالبيان له والإفصاح عن مغزاه، فصار الكتاب بحمد الله تحفة نفيسة عالية وجوهرة عزيزة غالية، محتويا على حكم جليلات بديعات وفصول من العلم نافعات؛ فإن شئت فسمه (تقريب شعب الإيمان) ، وإن أحببت فصفه بأنه (تهذيب لآثار الشعب غير المرفوعة)، وإن أردت فقل إنه مجموع من بضع وسبعين رسالة في أعمال القلوب وغيرها من أقسام الإيمان وشعبه وما يتعلق بها.
وأما شرطي في هذا الكتاب فيتبين مما يلي:
Bogga 4
التزمت ترتيب المصنف للآثار وخالفته في بضع مرات فقط ولكن مع التنبيه على ذلك.
التزمت ذكر ما ذكر فيه من شعب للايمان فذكرت تراجم الشعب كلها ولو لم يكن عندي تحت الترجمة أي أثر؛ رغم أنني ربما أخالفه في عده للشعب وتقسيمه لها وترتيبه إياها.
لما كان المؤلف في أحيان كثيرة يذكر تحت الشعبة الواحدة جملة من الفصول، أبقيت من تراجم تلك الفصول كل ما ورد فيه شيء موقوف أو مقطوع مما هو على شرطي في هذا التهذيب، دون ما لم يرد فيه من ذلك شيء فإني حذفته.
4-وضعت في نهاية كل أثر رقم الصفحة التي ورد فيها في الأصل.
5-أوردت الآثار - باستثناء ما ندر منها - مجردة عن أسانيدها اختصارا للتطويل وتخفيفا على القارئ(1).
6-أوردت كثيرا مما ورد في الأصل(2) من تفسير لبعض آيات القرآن الكريم، مع أن كثيرا منها في ثبوتها إلى قائليها نظر، أو أنها تفسيرات مرجوحة غير راجحة أو قاصرة غير شاملة، وأنا إنما أوردتها من جهة أنها كلمات في الترغيب والترهيب والتزكية ونحو ذلك من موضوعات هذا المختصر، وأما من أراد التفسير فعليه بالكتب المعتمدة من كتب التفسير بالأثر.
Bogga 5
7- أبقيت على أكثر الرؤى التي فيها معان طيبة، مع أنه لا يخفى أن تلك الرؤى لا ينبني عليها حكم شرعي ولا تثبت بها فضيلة لأحد، بل إن جملة منها قد تكون مختلقة، ولكنني أبقيت على ما أبقيت عليه منها لقلتها من جهة(1) ولنظافة معانيها في الجملة من جهة أخرى، وغرضي من ذكرها مجرد تدبر عباراتها وفهم إشاراتها لعله يتم الانتفاع بشيء من ذلك بإذن الله عز وجل.
8-حذفت الأحاديث المرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما حذفتها لحاجتها إلى النقد والتخريج من جهة وذلك لا شك صعب غير يسير ويحتاج من الوقت ما هو طويل جدا، وهو أيضا يخالف ما أردته لهذا الكتاب من الوجازة والتنقيح والتهذيب والخلو من الأحاديث المرفوعة الضعيفة والبعد عن التصحيح والتضعيف والاختلافات والحواشي المعقدة، ولا سيما أن المؤلف اعتنى بسياق الروايات والطرق وكان فيما ساقه من الأحاديث حاطب ليل أكثر من الواهيات والأباطيل؛ ثم إنني عازم - إن شاء الله ويسر - على إفراد ما ثبت من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في أبواب الزهد والأدب والتزكية والرقائق ونحوها في كتاب قد يطول أو يقصر.
Bogga 6
9-وأما الآثار الموقوفة التي وردت في الرواية مع أحاديث مرفوعة في سياق واحد فلم أورد منها هنا إلا النزر الذي لا يكاد يذكر، وذلك إما للحاجة إليه في موضعه أو لأني لم أصبر عنه لأهميته وخطورته، وما أهملت ذكر هذا النوع من الآثار الموقوفة إلا لأنها كثيرة جدا ولا سبيل إلى استقصائها في هذا المهذب، وكذلك فإنه يتعذر أو يتعسر فصلها عن أصلها في كثير من الأحيان؛ ثم إنها في الجملة ملحقة بقسم الأحاديث المرفوعة لا بقسم الأحاديث الموقوفة، فمن أراد مثلا أن يقسم كتاب الشعب إلى قسم للموقوفات وآخر للمرفوعات فإنه سيوردها في قسم المرفوعات لا في القسم الآخر.
10- حذفت من الآثار ما لا بد من حذفه إما لظهور خطئه، أو لأنه مفتقر إلى الدليل مع أن بابه الغيبيات وفروع العقائد، أو لأني رأيته يخالف الحق أو يوهم خلافه؛ ومن هذه الأنواع من الآثار المحذوفة جملة من الاسرائيليات.
11-حذفت في الغالب ما تكرر مما لم أجد إلى تكراره حاجة؛ وذلك قليل، وفي كثير من النصوص المتكررة أذكر عقب النص موضعي وروده في الأصل جميعا وأقدم الموضع الذي نقلته منه.
12-حذفت جملة من آثار الصوفية وغيرهم لأنها ضعيفة أهميتها أو باردة سياقاتها أو مستنكرة ألفاظها، أو فيها سوء أدب، أو مبالغة بينة أو تكلف ظاهر أو يستغنى عنها استغناء تاما لاشتهار معناها وكثرة تداولها.
13-حذفت بضعة من الآثار لأنها قد وقع فيها من السقط أو التصحيف ما أفسدها ولم أوفق - رغم بذل الجهد - إلى تصحيحها أو فهمها ولو على وجه التقريب؛ فحذفتها لأني لم أجد للإبقاء عليها معنى.
Bogga 7
14-حذفت كلام المصنف وشروحاته ونقوله عن الحليمي وغيره ممن قاربه في طبقته إلا في حالات قليلة نقلت فيها في متن هذا المهذب أو هامشه جملا من كلماتهم للحاجة إليها أو لأنها تشبه أن تكون فوائد أو حكم(1).
15- لم أشترط في الآثار المذكورة هنا أن يكون صاحبها من القرون الفاضلة أو من الأئمة المرضيين أو من العلماء المشهود لهم أو من أهل السنة، لم أشترط شيئا من ذلك بل إني تجاوزته إلى ما هو أوسع فأوردت كلمات لجماعة من المنتقدين والمتهمين ببعض الانحرافات؛ لأن غايتي الكلمة الطيبة كائنا من كان قائلها.
16-لم أشترط أن يكون الخبر المنقول متفقا على صحة معناه بين أهل العلم ولا أن يكون صحيحا في كل تفاصيله ولا أن يكون مما لا غبار عليه، وإنما أشترط أن يكون صحيحا في الجملة أو قريبا من الصحة أو له أصل صحيح أو أن يكون من الكلام الذي إذا تدبر العاقل عباراته وفهم إشاراته وجد فيه بعض ما ينتفع به أو نبهه إلى بعض ما كان غافلا عنه، أو نحو ذلك؛ فإننا في باب تزكية وأخلاق وأدب وموعظة وحكمة وترغيب وترهيب، وتوسع العلماء وتساهلهم في مثل هذه الأبواب لا يخفيان على المطلعين من الطلاب.
Bogga 8
17-لم أشترط فيما أبقيت عليه من الآثار هنا صحة أسانيدها أي ثبوتها عن قائليها بل ذكرت ما ذكرته منها وأنا أعلم أن كثيرا منها لا تصح أسانيدها ولكني إنما أردت متون الأقوال لا قائليها ولا نسبتها إليهم، وهي في الجملة آثار طيبة صحيحة المعاني جليلة القدر كبيرة الفائدة، تشهد لبعضها ويشهد لها قبل ذلك القرآن والسنة وأصول الدين وما ثبت عن الصحابة والتابعين واتفق عليه جماعة المسلمين، فالحكمة ضالة المؤمن؛ فإنه يبحث عن كل ما يدفعه إلى التكثر من الطاعة والمسارعة إلى الاستقامة ويحرص على كل ما يهيجه إلى العمل ويسوقه إلى الاجتهاد في التعبد، ويقربه إلى الورع والتزهد، ويؤدي به إلى الإقبال على الآخرة والرغبة فيها، ويسمع كل ما يكون فيه عظة له وعبرة؛ ويجمع كل ما فيه تبصرة له وذكرى؛ ومن هنا فإنك تجد كتب الزهد والتزكية لكبار علمائنا من أئمة الحديث وغيرهم - كابن المبارك ووكيع وأحمد وهناد - حافلة بالنقل عن الاسرائيليات وأخبار الرهبان، فضلا عن الآثار الموقوفة عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم سواء ثبتت أسانيدها عنهم أو لم تثبت.
Bogga 9
وأما من أبى أن يسمع شيئا من مثل هذه الآثار إلا أن يصح إسناده عنده أو يكون مقطوعا بصحة كل تفاصيله، فنقول له: هذا مذهب غريب خالفت فيه جمهور علماء أهل السنة والحديث وتكلفت فيه ما لا يكاد يقدر عليه في هذه الأزمنة أحد؛ فإنك إما أن تعرض عنها من أصلها وتلك خسارة وأي خسارة، وإما أن تقوم بتخريجها وتصفيتها ونقدها ومتى يتهيأ لك نقد كل هذه الآثار والحكم على أسانيدها وأكثرها نازلة وكثير من رواتها مجاهيل؛ وما هي الفائدة المرجوة من هذا التعب الطائل ؛ ومع ذلك فإن كنت مصرا على هذا المذهب غير متساهل فيه فنقول لك: لك ذلك ولكن ليس لك أن تعرض عن النظر في هذه الحكم السنية والتنزه في هذه الرياض الندية والارتواء من هذه الأحواض النقية والتزود من هذا الزاد الذي لا يكاد يستغني عنه إلا محروم ولا يكاد يعرض عنه إلا جاهل أو مغرور أو عالم مجتهد جهبذ جبل يكتفي بالقرآن وما صح من مرفوعات الأحاديث وأين اليوم مثل هذا العالم؟! فلا يصدنك عن أن تنتفع بحكمة أو وصية أو خبر فيه عبرة تقف عليه في هذا الكتاب أو غيره عدم ثبوت ذلك الخبر عن صاحبه ولا يصدنك عن ذلك أيضا أن يكون صاحب الأثر غير عالم أو غير محقق أو غير سني أو متهم في دينه أو متكلم فيه بأي نوع من أنواع الكلام، فالحكمة ضالة المؤمن لا يشترط في قبولها تزكية قائلها .
وانظر ما يلي.
فضل آثار السلف وعبر السابقين في باب التزكية
روى أبو نعيم في حلية الأولياء (5/103) عن مفضل بن غسان قال: قال عمرو [بن قيس الملائي]: حديث أرقق به قلبي وأتبلغ به إلى ربي أحب الي من خمسين قضية من قضايا شريح.
وروى فيه أيضا (4/313) عن الشعبي قال: لو أن رجلا سافر من أقصى الشام الى أقصى اليمن فحفظ كلمة تنفعه فيما يستقبل من عمره رأيت أن سفره لم يضع.
Bogga 10
ونقل ابن الجوزي في صفة الصفوة (3/259) عن قتادة قال: باب من العلم يحفظه الرجل يطلب به صلاح نفسه وصلاح الناس أفضل من عبادة حول كامل.
وروى البيهقي في الشعب (1/544) عن عثمان بن سعيد الدارمي قال: سمعت نعيم بن حماد يقول: كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب الرقاق يصير كأنه ثور منحور أو بقرة منحورة من البكاء لا يجترىء أحد منا أن يدنو منه أو يسأله عن شيء إلا دفعه(1).
وروى فيه أيضا (2/288) عن نعيم بن حماد قال: كان ابن المبارك يكثر الجلوس في بيته فيقال له: تكثر الجلوس في بيتك ألا تستوحش؟! فيقول: كيف أستوحش وأنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان؟!
وذكر ابن الجوزي في صفة الصفوة (4/137) عن شقيق بن إبراهيم قال: قيل لابن المبارك: إذا صليت معنا لم تجلس معنا؟! قال: أذهب أجلس مع الصحابة والتابعين؛ قلنا له: ومن أين الصحابة والتابعون؟! قال: أذهب أنظر في علمي فأدرك آثارهم وأعمالهم؛ ما أصنع معكم؟! أنتم تغتابون الناس! فإذا كانت سنة مئتين فالبعد من كثير من الناس أقرب إلى الله، وفر من الناس كفرارك من أسد وتمسك بدينك يسلم لك.
وروى البيهقي في الشعب (2/299) عن أحمد بن عبد الله بن أبي الحواري حدثني أخي محمد قال: قال علي بن الفضيل لأبيه: يا أبه ما أحلى كلام أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم! قال: يا بني وتدري لما حلا؟! قال: لا يا أبه، قال: لأنهم أرادوا به الله تبارك وتعالى.
وروى السلمي في طبقات الصوفية (ص124-125) والبيهقي في الشعب (2/297) عن عبد الله بن محمد بن منازل قال: سئل حمدون القصار: ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا؟! قال: لأنهم تكلموا لعز الإسلام ونجاة النفوس ورضى الرحمن، ونحن نتكلم لعز النفس وطلب الدنيا وقبول الخلق.
Bogga 11
وروى الخطيب في اقتضاء العلم العمل (ص83) عن الغلابي قال: سأل رجل ابن عيينة عن إسناد حديث قال: ما تصنع بإسناده؟! أما أنت فقد بلغتك حكمته ولزمتك موعظته.
وقال الذهبي في ترجمة الشافعي من سير أعلام النبلاء (10/97): وبلغنا عن الإمام الشافعي ألفاظ قد لا تثبت ولكنها حكم؛ ثم سرد الذهبي رغم ذلك جملة طيبة منها.
وروى ابن أبي الدنيا في الورع (ص50) عن الضحاك قال: أدركت الناس وهم يتعلمون الورع وهم اليوم يتعلمون الكلام.
وروى المروزي في الورع له (ص193) عن عبد الرحمن قال: سمعت وكيعا يقول: قالت ام سفيان الثوري لسفيان: يا بني اذا كتبت عشرة احرف فأنظر هل ترى في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك فإن لم تر ذلك فأعلم انها تضرك ولا تنفعك؛ وقال وكيع: قالت ام سفيان لسفيان: يا بني اطلب العلم وانا اكفيك بمغزلي. ص193
وروى أبو خيثمة في العلم (ص25) عن شيخه عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد عن أيوب قال: قال رجل لمطرف: أفضل من القرآن تريدون؟! قال: لا، ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا.
وروى السلمي في طبقات الصوفية (ص127) عن حمدون القصار قال: من نظر في سير السلف عرف تقصيره وتخلفه عن درجات الرجال.
وروى البيهقي في الشعب (2/303) عن أحمد بن سعيد الدارمي قال: سمعت من علي [بن] المديني كلمة أعجبتني، قرأ علينا حديث الغار ثم قال: إنما نقل إلينا هذه الأحاديث لنستعملها لا لنتعجب منها.
وروى المروزي في تعظيم قدر الصلاة (1/190) عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أقبض بكفي اليمنى على عضدى اليسرى وكفي اليسرى على عضدي اليمنى؟ فكرهه وقال: إنما الصلاة خشوع قال الله: (الذين هم في صلاتهم خاشعون)، فقد عرفتم الركوع والسجود والتكبير ولا يعرف كثير من الناس الخشوع!!.
Bogga 12
وروى أبو نعيم في حلية الأولياء (10/151): عن شيخه أبي بكر محمد بن الحسين الآجري حدثنا عبد الله بن محمد العطشي المقري حدثنا إبراهيم بن الجنيد قال: وجدت هذه الأبيات على ظهر كتاب لمحمد بن الحسين البرجلاني(1):
مواعظ رهبان وذكر فعالهم
وأخبار صدق عن نفوس كوافر
مواعظ تشفينا فنحن نحوزها
وإن كانت الأنباء عن كل كافر
مواعظ بر تورث النفس عبرة
وتتركها ولهاء حول المقابر
مواعظ إن تسأم النفس ذكرها
تهيج أحزانا من القلب ثائر
فدونك يا ذا الفهم إن كنت ذا نها
فبادر فإن الموت أول زائر
قال إبراهيم: وحدثني محمد بن الحسين قال: حدثت عن عبد الله بن الفرج العابد أنه قال له رجل: يا أبا محمد هؤلاء الرهبان يتكلمون بالحكمة وهم أهل كفر وضلالة فمم ذلك؟! قال: ميراث الجوع متعت بك، ميراث الجوع متعت بك. انتهى كلام أبي نعيم.
Bogga 13
فدونك هذه الآثار الكثيرة الكبيرة الخطيرة العتيقة العريقة الدقيقة، ارتو من مائها فإنه عذب فرات، واقتبس من ضوءها فإنها كواكب دريات مضيات، وتحل بها فإنها عقود أنيقات ثمينات، هذه الآثار ليس لك إلا الوقوف عليها تتدبرها بتأن وتعرض نفسك عليها بتجرد وتقابل شأنك بها بتأمل وتعرف حقيقة حالك بواسطتها بتحقق؛ فإنها استنباط العلماء بالله عز وجل من كلامه ومن كلام رسوله صلى الله عليه وسلم؛ وإنها وصايا الصادقين وكلمات المحسنين(1)، وكلام المحسنين هو بلا ريب حكمة وأي حكمة، قال تعالى في حق موسى صلى الله عليه وسلم: (ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين) [القصص 14] وقال (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) [آخر العنكبوت] فإليك يا من يحب السلف ويحرص على الاقتداء بهم ويتشوق إلى سماع أخبارهم والتزود بوصاياهم هذا الكتاب الذي هو كتاب في التزكية ولكن ليس كإحياء علوم الدين وهو كتاب في الأدب ولكن ليس كالبيان والتبيين وهو كتاب في الحكمة ولكن ليس ككتب الفلاسفة الضالين؛ وهو كتاب في القصص ولكن ليس ككتب الخرافيين؛ وهو كتاب في أخبار الصالحين ولكن ليس كطبقات الأولياء ولا كجامع كرامات الأولياء؛ وهو كتاب في العقيدة ولكن ليس ككتب المتكلمين؛ إنه كتاب مادته كلام وأخبار منقولة عن أبي بكر وابنتيه، عائشة، وأسماء وابنيها عبد الله بن الزبير(1) وعروة(2)، وحفيده القاسم بن محمد، وعمر بن الخطاب وعبد الله ابنه وسالم بن عبد الله ونافع مولاه، وعثمان ومن أخذ عنه، وعلي وأحفاده والأفاضل من أصحابه، وابن مسعود وطلابه من أهل الكوفة، وما أكثر طلابه وأنبلهم وأعلمهم وأورعهم(3)، وأبي الدرداء وتلامذته من أهل الشام(4)، وابن عباس ومن تخرجوا على يديه في التفسير وغيره من العلوم(5)، وما أرفعهم وأجمعهم، وأبي موسى وعمران بن حصين وأنس وأكابر من تفقه بهم من أهل البصرة، وحذيفة صاحب السر وأخبار الفتن، وأبي، ومعاذ، وأبي ذر، وسلمان، وخباب، وأبي هريرة، وجابر، وأبي أيوب، وأبي سعيد، وعمرو بن العاص وابنه، والسعيدين ابن المسيب وابن جبير، وأبي حازم، ومحمد بن المنكدر وأخيه عمر، وطاووس، ومطرف وأخيه يزيد، ومذعور، وهرم بن حيان، ومسلم بن يسار، وأبي عثمان النهدي، ووهب بن منبه، وابن سيرين وأخيه أنس وأختيهما حفصة وفاطمة، وعامر الشعبي ، وعامر التميمي، والأحنف بن قيس وابن أخته إياس بن قتادة، ومعاوية بن قرة بن إياس(6)، وأبي الشعثاء، وأبي العالية، والعلاء بن زياد العدوي، وأبي السوار العدوي، وصلة بن أشيم العدوي وامرأته معاذة العدوية، والحسن، وأيوب، وبكر بن عبد الله المزني، ومورق العجلي، ومالك بن دينار، ويونس بن عبيد، ومحمد بن واسع، وثابت البناني، وابن عون، وشميط بن عجلان، وابن محيريز وبلال بن سعد، ويحيى بن أبي كثير، وأبي مسلم الخولاني، ومكحول، وعمر بن عبد العزيز، وميمون بن مهران، والضحاك بن مزاحم الهلالي، وقتادة، وسليمان التيمي وابنه المعتمر، وعمر بن ذر، والأعمش، وأبي اسحاق السبيعي، والزهري، ومنصور بن المعتمر، وزبيد الأيامي، وطلحة بن مصرف الأيامي، وحبيب بن أبي ثابت، وابن جريج، وعبد العزيز بن أبي رواد، والحسن بن صالح بن حي وأهل بيته، ومسعر بن كدام، والسفيانين، والحمادين، وابن أبي ذئب، وهشيم، ومالك، وشعبة، والأوزاعي، ووكيع، وابن المبارك، وأبي اسحاق الفزاري، والفضيل بن عياض، ووهيب بن الورد، ويزيد بن هارون، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق، والشافعي(1)، وغيرهم من أئمة الاسلام من الصحابة والتابعين وأتباعهم وغيرهم من علماء هذه الأمة العاملين(2) وعبادها المجتهدين(3) وحكمائها الفطنين(4) وعقلائها المتبصرين؛ وأبطالها المجاهدين طلاب الشهادة، ودعاتها الصادقين المحتسبين الجامعين بين العلم والعمل والعبادة؛ وزهادها الورعين(5) ووعاظها البارعين(6) وإخبارييها الجامعين المطلعين(1)؛ مع جملة طيبة مما نقلوه عن رسل الله عيسى وموسى وداود وسليمان عليهم السلام وعن لقمان وعن غيره من حكماء الأمم السابقة وزهادها وأصحاب الفضل منها.
إنه في الجملة كلام ممتع مقنع جليل جميل صاف واف طيب عذب رائق فائق خارج من قلوب نقية تقية على ألسنة فصيحة بليغة عربية
كرر علي حديثهم يا حادي
إن حديثهم يجلو الفؤاد الصادي
إن هذا الكتاب قلادة لا تقدر بثمن، منظومة من درر متناسقة خارجة من قلوب خيرة هذه الأمة وصفوتها، إنه نفحات من الحكمة ونسمات من رياح الحق نابعة من تلك القلوب الصلدة الصافية الرقيقة الجليلة التي ملأها حب الله ففاضت به وأماتها خوفه وأحياها رجاؤه وامتزج فيها الايمان والقرآن والصبر والشكر والرجاء والحياء والحق والصدق والخضوع والخشوع والرحمة والعزة والذل والتوكل والزهد والجد والشجاعة والقناعة.
هذه هي صفة هذا الكتاب، ثم إنه بعد ذلك زانته لقطات من حياة أهل الجنة عندما كانوا يسيرون على الأرض، نعم هو مزين بشيء من أخبار ذلك البكاء والأنين والشوق والحنين والدعاء والابتهال والقيام والركوع والسجود والتلاوة والتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والاستغفار والحوقلة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصهيل الخيول ووقع السيوف والحشرجات والعبرات والآهات والحسرات وأصوات الدموع الواقعة على مواضع السجود، وعبادة الله بمجاهدة النفس والعدو وبالكلام والصمت وبالخوف والرجاء وبالكرم والحياء وبالمنع والعطاء وبالشكر والصبر وبالحياة والموت وبالصحة والمرض وبالقوة والضعف وبالفقر والغنى وببيع النفس والمال وبالقيام والقعود وبالركوع والسجود وبالأمر والنهي وبالعزلة والخلطة وباليقظة والمنام.
إنه محادثة ميسرة ومحاورة مختصرة مع أولئك الناس الذين ترجموا - قدر مجهودهم - وحي الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم إلى عمل واقع وتطبيق مشهود.
Bogga 17
إن خطورة مثل هذا الكتاب وشدة الحاجة إليه لتتضاعف في هذا العصر المادي المجرم، عصر الغثاء والحثالة، الفاسد أهله - إلا من استثناه الله، وقليل جدا ما هم - عصر طغيان الشهوات البهيمية، عصر الكفر والإلحاد والبدع والضلالات، عصر الفتن والمحن، عصر الحضارة الممهدة للدجال، عصر سيطرة اليهود أعداء الأنبياء على أهل الأرض، عصر المعيشة الضنك نعوذ بالله منها، عصر حب الدنيا وكراهية الموت، عصر عبيد الدرهم والدينار والزوجة والقطيفة.
إن آثار سلف هذه الأمة الصالحين وأخبار علمائها المتقدمين العاملين وحكايات عبادها المتقين العالمين وزهادها الثقات المأمونين جواهر غالية لا يكاد يستغني عنها إلا محروم وأعلاق نفيسة لا يكاد يعرض عنها إلا جاهل مغبون، وكواكب هادية في ليل حالك لا يكاد يغمض عينيه عن نورها إلا خاسر هالك.
فاقبل عظات السلف وعلومهم وأقبل عليها وعض عليها بناجذيك واعلم أن من رغب عن آثار السلف ووصاياهم فقد زهد في غير زهيد وأراد تناوش الخير من مكان بعيد، وأبطأ السير واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وإذا انتسب إليهم فنسبته زور، وإذا حسب أنه على سبيلهم فجاهل مغرور.
إن أخبار السلف الصالحين فوائد تشد إليها الرحال ونفائس يتنافس فيها الرجال، إنها ميزان منضبط يزن به المرء نفسه، وأعمال مستقيمة يعرض عليها المرء حقيقة أعماله، وأحوال صحيحة يعرف بها موضع حاله، وسراج منير يستهدي به المرء في حله وترحاله.
Bogga 18
إن تلك الآثار بقية نور أصيل في هذه الحياة المظلمة، وهي صدى نداء قديم ناصح يحذر الناس عبادة الدنيا وأهلها، ويدعوهم إلى عبادة رب كل شيء ومالكه وخالقه، الذي يسعد ويشقي ويعز ويذل ويهدي ويضل، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، ذلكم الله رب العالمين؛ إنها قبس من التاريخ القديم الزاهر وإنها تحفة السلف لخلفهم ووصية العلماء الناصحين لكل من خافوا عليه الغرور والجهل ممن جاء بعدهم إلى يوم الدين؛ وإنها كغيرها مما بين أيدينا من كتب العلم النافعة - بعض حجة الله على العالمين؛ فهل من منتفع بهذه الآثار عامل بها؟!
إن هذه الآثار ليست بديلة عن القرآن وحديث النبي صلى الله عليه وسلم ولكنها وسيلة إليهما ومدخل سريع واسع مبارك عليهما، وإنها تفسير لهما وتدبر فيهما واستنباط منهما وفروع باسقة لهما، وهي أقوال من هم أعلم منا بالقرآن والسنة وأفقه منا في الدين وأنصح للأمة.
إن هذه الآثار تغني بلا ريب عن كل ما قعده وسطره المتأخرون والمعاصرون ولكن لا شيء يغني عنها بعد كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
Bogga 19
إنها مفاتيح الأذهان المقفلة وحلول المشكلات المعضلة ومصابيح الدروب المظلمة وبلسم الجراحات المؤلمة، إنها العلم النافع والموعظة الحارة المؤثرة، والجواب الذي يكفي والدواء الذي - بإذن الله - يشفي، وعدة الصابر وذخيرة الشاكر، ودليل الحائر، وغوث اللهفان والبديل عن الإخوان، وجلاء الأفهام ورفع الأوهام، وهداية الحيارى وفك قيود الأسارى وأنس الغريب وسلوة الكئيب وبهجة النفوس وزبدة الدروس وغوث المكدودين ومستراح العابدين ورحلة عجيبة إلى أهل الزمن البعيد ومطالعة ميسرة للعلم القديم الجديد!!(1)
إن كتب الزهد والرقائق كتب في الإيمان والتزكية والأخلاق والأدب الشرعي وأعمال القلوب، جمعها أصحابها - وهم علماء محدثون أو فقهاء أو مفسرون، بل أكثرهم أئمة أعلام - من أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة وعلماء التابعين وحكمائهم الفاضلين وزهادهم المتقين، ومن أخبار تلك الأجيال في دينها وقصصها في تعبدها وزهدها، إنها كتب تقص عليك أحسن القصص بعد كتاب الله وكتب حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، إنها تطلعك على أفضل تأريخ للناس، أو قل على تأريخ أفضل الناس، ففيها زهد الأنبياء وحكمهم وزهد الصحابة ووصاياهم وزهد التابعين ونصائحهم.
Bogga 20
إنه لا غنى بأهل عصر من الأعصر المتوسطة والمتأخرة عن علم السلف الصالح، بل إن النصائح والوصايا في باب الزهد والتربية لا يكاد يحسنها سواهم، فلا يحسن منا سوى أن نعنى بكلامهم في هذا الباب جمعا وحفظا وسمعا وفهما وتأليفا وتوضيحا وتصنيفا وتنقيحا، وأما الإضافة إليه أو الاستدراك عليه أو المخالفة له أو الاستغناء عنه فهيهات؛ لقد كان كلامهم قليلا مباركا كثير النفع وأما كلام الخلف فكثير قليل النفع؛ ولقد كان السلف يتكلمون بكلام كأنه الدر فتكلم أقوام من بعدهم بكلام يخرج من أفواههم كأنه القيء
يا باري القوس بريا ليس يحكمه
لا تفسد القوس واعط القوس باريها
Bogga 21
اللهم انفعنا بما نسمع وبما نقرأ وبما نقول وبما نكتب واجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه ولا تجعل حظنا من الحكمة ونصيبنا من الموعظة الإعجاب بها دون المصير إلى حقها والقيام بواجبها، ولا تجعل حظنا من الكتب جمعها وحفظها دون المجاهدة فيها بفضلك وسعة رحمتك، اللهم لا تمقتنا لكثرة كلامنا وقلة عملنا وكثرة جمعنا وطول أملنا، ولكن أصلحنا وتقبل منا واقبلنا وعافنا واعف عنا واغفر لنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم وبارك لنا في هذه الجهود اليسيرة إنك شكور كريم(1) .
خطبة المصنف
Bogga 22
قال رحمه الله: الحمد لله الواحد القديم الماجد العظيم الواسع العليم الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم وعلمه أفضل تعليم وكرمه على كثير ممن خلق أبين تكريم أحمده وأستعينه وأعوذ به من الزلل وأستهديه لصالح القول والعمل وأسأله أن يصلي على النبي المصطفى الرسول الكريم المجتبى محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم كثيرا؛ أما بعد فإن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه بفضله ولطفه وفقني لتصنيف كتب مشتملة على أخبار مستعملة في أصول الدين وفروعه والحمد لله على ذلك كثيرا ثم إني أحببت تصنيف كتاب جامع لأصل الإيمان وفروعه وما جاء من الأخبار في بيانه وحسن القيام به لما في ذلك من الترغيب والترهيب فوجدت الحاكم أبا عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي(1) رحمنا الله وإياه أورد في كتاب (المنهاج) المصنف في بيان شعب الإيمان المشار إليها في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من حقيقة كل واحدة من شعبه وبيان ما يحتاج إليه مستعمله من فروضه وسننه وأدبه وما جاء في معناه من الأخبار والآثار ما فيه كفاية فاقتديت به في تقسيم الأحاديث على الأبواب وحكيت من كلامه عليها ما يتبين به المقصود من كل باب إلا أنه رضي الله عنا وعنه اقتصر في ذلك على ذكر المتون وحذف الأسانيد تحريا للاختصار وأنا علي رسم أهل الحديث أحب إيراد ما أحتاج إليه من المسانيد والحكايات بأسانيدها والاقتصار على ما لا يغلب على القلب كونه كذبا ففي الحديث الثابت عن سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال: من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين وحكينا عن الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى روايته عن سفيان بن عيينة أنه قال: حدثني الزهري يوما بحديث فقلت هاته بلا إسناد فقال الزهري أترقى السطح بلا سلم وقد ذكرت إسناد هذا الحديث وهذه الحكاية في كتاب المدخل، وأوردت في كتاب (الأسماء والصفات) وكتاب (الإيمان) و(القدر) و(الرؤية) و(دلائل النبوة) و(البعث والنشور) و(عذاب القبر) و(الدعوات) ثم في الكتب المخرجة في (السنن) على ترتيب مختصر أبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني رحمه الله تعالى، من الأخبار والآثار ما وقعت الحاجة إليه في كل باب فاقتصرت في هذا الكتاب على إخراج ما يتبين به بعض المراد وأحلت الباقي على هذه الكتب خوفا من الملال في الإطناب واستعنت بالله عز في ذلك وفي جميع أموري استعانة من لا حول له ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
باب ذكر الحديث الذي ورد في شعب الإيمان
Bogga 23
عن سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الايمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان(1). (1/31-32) عن سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الايمان بضع وستون أو سبعون شعبة فأرفعها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان(1). (1/33)
قال المصنف: وهذا الشك وقع من سهيل بن أبي صالح في بضع وستين أو في بضع وسبعين وسليمان بن بلال قال: بضع وستون، لم يشك فيه، وروايته أصح عند أهل العلم بالحديث غير أن بعض الرواة عن سهيل رواه من غير شك قال: بضع وسبعون ---وهذا زائد فأخذ به صاحب كتاب المنهاج في تقسيمه ذلك على سبعة وسبعين بابا بعد بيان صفة الإيمان وبالله التوفيق.
[صفة الايمان]
عن سليمان عن مجاهد أنه: قال الله عز وجل (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) [الزخرف] قال: شهد بالحق وهو يعلم أن الله ربه. (1/42)
باب القول في زيادة الإيمان ونقصانه
وتفاضل أهل الإيمان في إيمانهم
عن هزيل بن شرحبيل قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم. (1/69)
عن زبيد عن ذر(2) قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ربما أخذ بيد الرجل والرجلين يقول تعالوا نزداد إيمانا. (1/70)
Bogga 24