أسمع به إلا منك الساعة، وقلت إن الراهب قال لك ذلك. فعلمت أن أمر هذه المدينة سيتم علي لصحة ما وقفت عليه.
قال الشروي: أخبرني بعض المشايخ الموالي أن المنصور لما أراد بناء بغداد وسط المكان الذي قدر أن يجعله مدينة وأمر أن يوتد هنالك وتد وأخذ حبلا فمده على المقدار الذي أدار أن تكون استدارتها ثم أمر بطرح الرماد فطرح ثم نقص من مقداره أربعين ذراعا. ثم أراد خطا آخر وجعل من الخطين الخندق. وجعل فتحة أربعين ذراعا ثم عمل السور الذي خلف الفصيل وعرضه من أسفله ثمانية عشر ذراعا، وعرض أعلاه ثمانية أذرع. وجعل على ذراع منه مما يلي الخندق الشرافات فصار الباقي خمسة أذرع يمشي عليها الناس.
قال حماد التركي: بنى المنصور المدينة مدورة. لأن المدورة لها معان ليست للمربعة، وذلك أن المربعة إذا كان [32 ب] الملك في وسطها كان بعضها أقرب إليه من بعض. والمدورة من حيث مسحت كان أمرها إلى وسطها مستويا لا يزيد بعضه على بعض. وبنى لها أربعة أبواب فكان إذا جاءها الجائي من المشرق، دخل من باب خراسان. وإذا جاءها من الحجاز، دخل من باب الكوفة، وإذا جاء من المغرب، دخل من باب الشام، وإذا جاء من فارس والأهواز والبصرة وواسط واليمامة والبحرين وعمان، دخل من باب البصرة.
وعمل لها سورين وفصيلين، بين كل باب فصيلان، والسور الداخل أطول من الخارج. وأمر أن لا يبني إنسان تحت السور شيئا من المنازل. وأمر أن يبنى في الفصيل الثاني مع السور المنازل، لأن ذلك أحصن للسور. ثم بنى قصره في وسطها، وبنى المسجد الجامع مع القصر وعمل الشوارع على ما أراد، وأقطعها القواد وأنزل فيها خاصته وأهل ثقته. وجعل الطول من باب خراسان إلى باب الكوفة ثمانمائة ذراع. ومن باب الشام إلى باب البصرة ستمائة ذراع. وعدد الطاقات في السور الكبير ثلاثة وخمسون طاقا سوى الطاق المفتوح. هذا في كل صف. والطاقات الصغار التي تلي الرحبة في كل صف ست طاقات سوى طاقي
Bogga 286