فليس بالبصرة منه واحدة. قال: أفلست تعلم أنها أفضل من البصرة؟
ذكر الخورنق
قالوا: ومن البناء المذكور الأبلق الفرد، وباليمن غمدان، وهو قصر من أعجب ما بنته الملوك، وقد ذكرنا خبره. وقصر نباج بناه الأخنس بن شهاب، والهرمان (1) بمصر والإسكندرية ومنارتها، ومنف مدينة فرعون، وملعب فامية بحمص، وتدمر بالشام، وإيوان أنوشروان ومأرب وشبديز والخورنق بظهر الكوفة. وكان الذي بناه النعمان بن امرئ القيس، وهو ابن الشقيقة بنت أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان فارس حليمة، ملك ثمانين سنة وبنى الخورنق في ستين سنة، بناه له رجل رومي. يقال له سنمار، وكان يبني السنتين والثلاثة ثم يغيب الخمس سنين، فيطلب فلا يوجد، ثم يأتي فيبني كذلك حتى أتت عليه ستون سنة وفرغ من الخورنق، فصعده النعمان على دابته فنظر إلى البحر تجاهه والبر خلفه، ورأى الحوت والضب والظبي والطير والظليم والنخل والزرع فقال: ما رأيت مثل هذا البناء قط، فقال له سنمار: أما أني أعلم موضع آجرة لو زالت زال هذا القصر كله. فقال له النعمان: أيعرفها أحد غيرك؟ قال: لا. قال: لا جرم لأدعنها لا يعرفها أحد، ثم أمر فقذف سنمار من فوق القصر فتقطع، فضربت العرب به المثل فتقول: جازاني جزاء سنمار، فقال الشاعر:
جزاني جزاه الله شر جزائه
جزاء سنمار وما كان ذا ذنب
سوى رمه البنيان ستين حجة
يعلي عليه بالقراميد والسكب
فلما رأى البنيان تم سحوقه
وآض كمثل الطود ذي الباذخ الصعب
وظن سنمار به كل خيرة
وفوز لديه بالمودة والقرب
فقال: أقذفوا بالعلج من فوق رأسه
فهذا لعمر الله من أعجب الخطب (2)
Bogga 212