الأمر الأول : تعلق مشيئته بالأفعال
أما كون أفعال العباد متعلقة لمشيئته سبحانه ، فهناك من ينكر ذلك ويقول : إن التقدير يختص بما يجري في الكون من حوادث كونية مما يتعلق به تدبيره سبحانه ، وأما أفعال العباد فليست متعلقة بالتقدير والمشيئة ، بل هي خارجة عن إطارهما ، والحافز إلى ذاك التخصيص هو التحفظ على الاختيار ونفي الجبر ، فهذا القول يعترف بالقدر ولكن لا في أفعال العباد بل في غيرها .
يلاحظ عليه : أن الظاهر من الآيات أن فعل العباد تتعلق به مشيئة الله ، وأنه لولا مشيئته سبحانه لما تمكن من الفعل. يقول الراغب : لولا أن الأمور كلها موقوفة على مشيئة الله وأن أفعالنا معلقة بها وموقوفة عليها لما أجمع الناس على تعليق الاستثناء به في جميع أفعالنا نحو ( ستجدني إن شاء الله من الصابرين )، ( ستجدني إن شاء الله صابرا )، ( يأتيكم به الله إن شاء )، ( ادخلوا مصر إن شاء الله )، ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله )، ( وما يكون لنا أن نعود فيها إلاأن يشاء الله ربنا )، ( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله ). (1)
وهناك آيات أخر لم يذكرها « الراغب » :
1 قوله سبحانه : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ). (2)
فالإذن هنا بمعنى المشيئة وما ذكر من القطع والإبقاء من باب المثال.
2 قوله سبحانه : ( إن هو إلا ذكر للعالمين* لمن شاء منكم أن يستقيم* وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ). (3)
3 قوله سبحانه : ( إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا *
Bogga 255