النُطفة أربَعة أشهر، ودخلت في الخامس، وذلك أول حدوث الرّوح فيه، ومن قال إنّها مخلوقة قبل ذلك فقد غلط، وأقبح منه قول من قال إنها قديمة. انتهى (١).
وبعضهم ردّ عليه وصحّح القول بأنّ الأرواح خلّقت قبل، واستدل بما في الصحيحين من حديث عائشة ﵂ أنّ النبي ﷺ قال: "الأرواح جُنودٌ مجندة، فما تعارف منها ائتلفَ، وما تناكر منها اختلف" (٢).
قال ناصر السّنّة ابن الجوزي ﵀ في "تبصرته": قال أبو سليمان الخطابي (٣): معنى هذا الحديث: الإخبار عن مبدأ كونِ الأرواح خُلقت قبل الأجساد، وتقدّمت على الأجساد في التكون، على ما روي إنّ الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بكذا وكذا قال ابن الجوزي: وفي هذا الحديث دليل على أن الأرواح ليست بأعراض، وأنها كانت موجودة قبل الأجساد وأنّها تبقى بعد الأجساد يُؤيّد هذا المعنَى قوله ﷺ: "أرواح الشُّهداء في حواصل طير خضر تعلق من ثمر الجنة" (٤) انتهى ملخصًا.
وقد حكينا القولين فاختر لنفسك ما يحلو.
فَإِنْ قُلتَ: إذا فارقت الأرواح الأبدان، وتجردت بأيّ شيء يتميز بعضها من بعض حتى تتعارف وتتلاقى وهل تتشكل إذا تجردت
(١) روضة المحبين ص ٧٧.
(٢) تقدم تخريجه ص ١٠٧ وهو في الصحيح.
(٣) أعلام الحديث (١٥٣٦).
(٤) رواه مسلم (١٨٨٧) من حديث ابن مسعود ﵁.