فنقول: هؤلاء المتفلسفة في العقول والنفوس قد أشملوا هذا من الأصول المخالفة لدين المسلمين واليهود والنصارى ما لا يتسع هذا الموضع لذكره مع أن دلالة هذه الألفاظ على تلك المعاني أفسد مما رده من التأويلات ونحن نعلم بالاضطرار من ملة المسلمين واليهود والنصارى أن الطور الذي كلم الله عليه موسى هو جبل من الجبال والطور الجبل وعلم بالاضطرار من دين أهل الملل والنقل بالتواتر أن الله لما كلم موسى كلمه من الشجرة وأنه كان يخرج منها نار محسوسة وأن موسى ﵇ لما ضرب امرأته المخاض قال: ﴿لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً﴾ طلب أن يجيء بجذوة نار أو يجد من يخبره وأنه ﷾ كلمه وهو بالوادي المقدس طوى وعلم أن هذا التكليم الذي كلمه موسى لم يكلم غيره من الأنبياء والرسل إلا ما يذكر من مناجاة النبي ﷺ ليلة المعراج وعلى ما ذكروه فلا فرق بين موسى وغيره من الأنبياء بل وغير الأنبياء قال تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ .
وقال تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ﴾ .
وقال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا