وبه نستعين الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وهاديا إلى الطريق المبين، وعلى آله المصطفين الذين أورثهم الكتاب والحكمة، وجعلهم هداة هذه الأمة أجمعين.
أما بعد: فيقول العبد الفقير إلى الملك الكبير عبد الله أمير المؤمنين المهدي لدين الله رب العالمين محمد بن القاسم بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين بن على بن عبدالله بن أحمد بن على بن الحسين بن على بن عبدالله بن محمد بن أمير المؤمنين المؤيد برب العزة يحيي بن حمزة عليهم السلام، هذه جوابات الأسئلة الضحيانية، والمشكاة النورانية ، الواردة من الجهة الشامية، مهابط البركة والأنوار، ومواطن السادات والعلماء الصالحين الأخيار .
Bogga 1
أوردها القاضي العلامة الحلاحل([1])، والخريت الماهر الماثل، شمس سماء المعارف، وغيث نداها الواكف، برهان الإسلام صارم الدين الولي بن الولي إبراهيم بن عبدالله الغالبي أدام الله فوائده، وأجزل صلاته وعوائده، وصادف وصولها عند الحركة السعيدة من الجهة البرطية إلى الديار الحاشدية لإحياء فريضة الجهاد ، والقيام ببعض حقوق رب العباد ، فكانت الأجوبة عنها على حسب الإمكان مع تكاثر الأشغال واعتوار عوامل الأفعال ، وبعد كتب المطالعة بسبب الانتقال، وكان أبقاه الله قد يسر بالرخصة ، وأحسن بالتوئدة ، والله المسئول أن يتولى إعانة الجميع في كل الأمور، وأن يصلح الراعي والرعية إنه عليم بذات الصدور، ولابد من إيراد لفظ السؤال ثم الجواب .
قال أيده الله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بحمده تنال الدرجات، وبلطفه وتوفيقه تحل المشكلات، الملزم لمن جهل شيئا سؤال العلماء العاملين، وجعل العلم وراثة في صلب خاتم النيئين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد فاتح باب العلوم لمن ورد وصدر، المنزل عليه {وأما السائل فلا تنهر}، وعلى آله وارثي علمه كما ورد به الأثر.
Bogga 2
وبعد: فهذه أسئلة من فنون شتى طالبا من العلماء الأعلام حل مشكلها، وفتح مقفلها، وتبيين عللها وأدلتها ، غير مكتف من المجيب بذكر الأقاويل، بل طالبا من المجيب نصب الدليل وإيضاح السبيل ، إذ ليس القصد تقليده فيما أفتى، ولا نقل ما قد قاله في المسألة بعض العلماء من غير دلالة شرعية، ولا أمارة مرضية، خصوصا في المسائل الفقهية والأصولية، فليفد العلماء بالجواب، وليريحوا بذكر الكلام المستطاب ، أعاد الله من بركاتهم ومتع المسلمين بحياتهم.
Bogga 3
(1) السؤال الأول(في أهوال يوم القيامة)
هل يفزع منها المؤمن وغيره، أم مخصوصة بالمنافق ونحوه؟ إن
قلتم بالأول فقد قال تعالى: {وهم من فزع يومئذ آمنون} ، {لا يحزنهم الفزع الأكبر} ، {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون} ، وإن قلتم بالثاني فقد ورد في الأحاديث أن الفزع يعم المؤمن وغيره، بل والأنبياء حتى يجثوا على الركب، ويؤكده قوله تعالى: {ففزع من في السماوات ومن في الأرض} فما الجواب في ذلك بالدليل الواضح؟.
*الجواب الأول ( والله الموفق والهادي إلى الصواب):
أن أهوال يوم القيامة لا يفزع منها المؤمن ولا يحزن، لأن الفزع والحزن الحقيقيين نوع من الألم، والألم نوع من العذاب، والمؤمن غير معذب قطعا، لأنه قد صار من عند الموت في أول موقف من مواقف الآخرة التي هي دار الثواب والجزاء ، وهذا هو الذي دلت عليه الأدلة المحكمة من الكتاب والسنة ، مثل ما ذكره السائل من الآيات، ومثل قوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ، نحن أولياؤكم في الحيوة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون} ، ولا شك أن أحدا لا يشتهي الفزع والحزن ، وهذا هو اللائق بعدل الله تعالى وحكمته، فيجب المصير إليه ، وحمل ما عارضه من الأدلة عليه ، وحينئذ يجب تأويل مثل قوله تعالى: {وترى كل أمة جاثية} وقوله تعالى: {ففزع من في السماوات ومن في الأرض} وهو ممكن الجمع إما بالتعميم والتخصيص بأن هذه عمومات مخصصة بأدلة المؤمن لأن المؤمنين هم القليل ، أو التأويل بأن المعنى بالفزع ونحوه ما يشاهدونه من الوقيعة بغيرهم من العصاة ، وكون هذا اليوم عظيما فيه الإنصاف والجزاء ، وتمييز الخبيث من الطيب مع طمأنينة القلب بالسلامة، والبشارات للمؤمن بأنك لا تخف ولا تحزن ، فهذا ما تقتضيه الأدلة والقواعد الأصولية.
Bogga 4
وأما قوله تعالى: {ففزع من في السماوات ومن في الأرض}([13]) فالمعنى الظاهر في تفسير هذه الآية الكريمة، أن المراد به الموت الذي لابد أن يجري على كل حي، لأنها عبارة عن النفخة الأولى، ولهذا لم يذكر الفزع في النفخة الثانية في قوله تعالى: {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} وقد قيل إن ما قبل ثم وما بعدها مدة لا يعلم قدرها إلا الله تعالى.
Bogga 5
[السؤال الثاني في محبة المؤمن وكراهة الفاسق]
(2) السؤال الثاني (قال أبقاه الله تعالى) سؤال:
قد أوجبوا محبة المؤمنين وكراهة الفاسقين ، وهي معلومة
بالضرورة الدينية مع تصريح الحديث أن المحبة من فعل الله لا يعاقب المرء عليها بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( فلا تلمني فيما لا أملك )) ، وقد يحب الإنسان زوجته محبة كاملة مع كونها فاسقة، وقد أوجب الله تعالى معاداة الفاسق وكراهيته وعدم محبته، وقال تعالى: {وجعل بينكم مودة ورحمة} فكيف الجمع بين ذلك؟.
*الجواب الثاني:
أن المحبة والكراهة تستعمل تارة ، ويراد بها الأمر الطبيعي الجبلي ، ومعناه ميل النفس بالطبع ، والاستحسان للشئ ، وهذا من فعل الله تعالى لايتعلق به ثواب ولاعقاب ، ولا أمر ولا نهي، وعليه يحمل حديث: ((اللهم هذه قسمتي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك )) ، وإن كان يجب مدافعة المقدور منه في مواضع النهي من باب ((لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس)) ، ولهذا قال تعالى: {فلا تميلوا كل الميل..الخ } فعلق النهي بالكل الممكن، لا بالبعض غير الممكن، وتحصيل الممكن منه في باب الأمر واجب ، وتارة يستعمل ويراد به عمل القلب والجوارح الممكن للمكلف ، وهذا هو الذي يتعلق به الأمر والنهي والمدح والذم والثواب والعقاب ، ولهذا قالوا في الموالاة: أن تحب له كل ما تحب لنفسك ، وتكره له كل ما تكره لها ، ومعنى ذلك أن تعتقد وتنوي له ذلك ، ولا شك أن النية من أفعال القلوب الاختيارية، ومن جملة محبته تعظيمه بأفعال الجوارح، ورعاية حقوقه وتنزيله في منزلته، ولهذا قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} .
وأما قوله تعالى: {وجعل بينكم مودة ورحمة} فقد جاء في التفسير أن المراد بالمودة الجماع ، والرحمة الولد، وفيه شائبة من المعنى الأول ، لأن ذينك مما تميل إليهما النفس ، ويدل على صحة ما قلناه قوله تعالى: { كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم} ، والله أعلم.
Bogga 6
[كيف يحسن النهي عن الجبن والبخل والحرص مع أنها غرائز من فعل
الله تعالى]
(3) السؤال الثالث (قال عافاه الله تعالى) سؤال:
قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((الجبن والجراءة غريزتان)
يضعهما الله حيث يشاء )) وقول علي عليه السلام: (الجبن والبخل والحرص غرائز شتى) فكيف حسن النهي عنها مع كونها من فعل الله تعالى؟.
*الجواب الثالث:
كذلك: أن الجبن والبخل والجراءة والحرص تنقسم إلى غريزي ومكتسب :
فالأول: من فعل الله تعالى لا يتعلق به أمر ولا نهي ولا ذم ولا عقاب ولا ثواب، وهو المعنى الذي لا يقدر المكلف على دفعه ولا على تحصيله ، وهو أمر قلبي غريزي يحدثه الله تعالى فهو سبب باعث على الجبن والجراءة الاختياريين وهما مسببان عنه فيكون الحديث من المجاز المرسل من تسمية المسبب([20])باسم السبب .
والثاني: وهو الممكن هو الذي يتعلق به الأمر والنهي والثواب والعقاب لأنها لا تتعلق إلا بممكن ، ولو تعلقت بغير ممكن لكان من تكليف ما لا يطاق والله يتعالى عن ذلك وهذا القسم يتعلق بأعمال الجوارح والقلوب أيضا، أما أعمال الجوارح فظاهر ، مثل عدم الفرار من الزحف ، وثبات الواحد للإثنين، ومثل بذل الحقوق المالية ، وأما أعمال القلوب فمثل الصبر عند الجهاد ، والصبر على الإنفاق ونحو ذلك، والأمر الأول القلبي تجب مدافعته ما أمكن دفعه في غير موضعه ، والله أعلم.
Bogga 7
[تبيين البر والعقوق للوالدين الذين ورد الوعد والوعيد
عليهما]
(4) السؤال الرابع (قال حماه الله تعالى) سؤال :
ما البر والعقوق للوالدين الذين ورد الوعيد عليه بالنار
والوعد بالجنة ؟ فظاهر الآية أنه العصيان بأدنى شئ ، ولو بقول أف ، فكيف التفسير الذي به يتبين العقوق الذي هو كبيرة؟ ثم هل يجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده شيئا مع كراهة الولد، إن قلتم: نعم، دخل في قوله صلى الله عليه واله وسلم: (( لا يحل مال امرئ مسلم ..الخ )) وإن قلتم لا يأخذ فقد نهرهما وذلك محرم.
*الجواب الرابع:
أن المراد بعقوق الوالدين ظلمهما، وعدم القيام بحقوقهما مع الإمكان ، وإن كانت الدرج فيه متفاوتة في العظم والشدة وضديهما ، فأدناه التأفيف ، وأعلاه العداوة والقتل.
ولا مانع من كون التأفيف كبيرة لثلاثة أمور:
أحدها: أنه قد أفاده النهي من الكتاب، والنهي حقيقة يفيد التحريم، والحرام ما يستحق عليه الذم والعقاب، إلا ما خصه الدليل من الصغائر المكفرة بجنب الطاعات ، ولا دليل هنا إلا ما ورد من الأدلة على عظم العقوق ، وأما على القول بأن كل عمد كبيرة فالأمر أجلى.
وثانيها: أن هذه اللفظة تتضمن الاستحقار والاستهانة بحقهما، فتنبي أن ما في القلب أبلغ مما جرى به اللسان.
وثالثها: لما عظم الله من حقوقهما حتى قرن برهما بتوحيده في قوله تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا} فيكون تحقيرا لما عظم الله ، وأي فظاعة أبلغ من ذلك، بل قد يبلغ إلى حد الكفر إذا اقترن به الاستخفاف بأمر الله تعالى.
Bogga 8
وأما أخذ الأب من مال ولده فظاهر الحديث الجواز مطلقا، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( أنت ومالك لأبيك )) ، إلا أنه قد حكي الإجماع، حكاه الأمير الحسين عليه السلام على منع الأب مما زاد على حاجته ، أو خالف مصلحة الولد ، فيكون الإجماع مخصصا للخبر، ويبقى قدر النفقة مع الحاجة إليها، فمهما أخذ الأب ما هو جائز فله ذلك ، وإذا منعه عد عقوقا، وإن كان الأولى أن يأخذ برضا ولده، أو من يده دفعا للإيحاش، وعملا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( رحم الله امرءا أعان ولده على بره )) ويكون حديث (( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه )) عموما مخصصا بحديث الأب، كما خص بأدلة الأخذ من مال الغائب والمتمرد لقضاء دينه ونفقة زوجاته، وأما إذا حاول الأب أخذ الزائد على الجائز ففعله منكر فيجوز للولد المنع، ولا يعد عقوقا، وهو ممكن بالمدافعة الحسنة، والنصح كما فعل إبراهيم عليه السلام في التلطف بوالده مع شركه من قوله يا أبت... يا أبت... ، وقد قال تعالى: { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا} وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين} ولعموم أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن لا يعاملهما معاملة غيرهما بل يراعي حقوقهما ، وناهيك أنه لم يثبت حق لكافر على مسلم إلا الوالدين ، والأولى للولد الإغضاء والمسامحة فيما لا ضررة ولا منكر فيه.
Bogga 10
فإن قلت: فهل يجوز للولد المدافعة بالإضرار بهما إذا لم يمكن اللين عند تهافتهما على أخذ ماله كما يجوز ذلك مع غيرهما؟.
قلت: الذي يلوح لي والله أعلم لعظم حقهما، ووجوب برهما، أنه إن لم يكن ما فعلاه منكرا ولا ضرر فيه على الولد ، عدم جواز الإضرار لأن الحق له خاصة في مثل ذلك ، وإسقاط حقه لوالده من كمال البر، ولهذا ذكروا أن الأب لا يحبس لولده ، ولا يقاد به ، وإن كان ما فيه منكر، أو ضرر جاز النهي على بابه، لكن يبالغ في اللين ومحض النصح وذلك لأن الحق فيما هو منكر لله تعالى، ولأن الضرار ممنوع لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( لا ضر ولا ضرار في الإسلام )) ، مع كون الضرار نوعا من المنكر، ولعموم أدلة النهي عن المنكر فهذا ما سنح من الجمع بين الأدلة.
Bogga 11
(5) السؤال الخامس:
(قال عافاه الله تعالى) سؤال:إذا قلتم إن الإمامة قطعيه، وأن المطلوب فيها اليقين فإذا ادعى رجل الإمامة فلا شك أن فرض العالم الاختبار، أو التواتر حسبما قرر، وفرض العامي ماذا يكون؟ فمقتضى كلام بعض الأئمة أن فرضه السؤال للعالم وهو لا يفيد إلا الظن ، ولاشك أنه يقدم على أمر قطعي من قتل وغير ذلك، وعند بعضهم أنه لابد من الاختبار فذلك تكليف بما لا يطاق ، أو يجلس طول الزمان يتعلم ثم يختبر، والمعلوم خلاف ذلك من أتباع الأئمة وأنهم يتبعهم العوام من غير اختبار بل وأكثرهم من غير سؤال، فهل يجب على الإمام الإنكار على من تابعه ، ثم هل يجب على العوام البحث عن من أمروا بقتله ما السبب الموجب لذلك كالكفر مثلا والفسق، فحينئذ هم مقلدون فيهما وهو لا يجوز التقليد فيهما، أو لا يجب البحث عليهم بل يقتلون وهم لا يعلمون لماذا، فهم مقدمون على ما لا يؤمن خطؤه ، ثم إذا عرف الإمام أن قتال من قاتل معه البغاة إنما هو لأغراض دنيوية أو سوابق جاهلية وعرف ذلك منهم وأنهم لم يقاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا، فهل يجوز تمكينهم من القتل والاستنصار بهم على ذلك أم لا يجوز؟.
Bogga 12
[سؤال في الإمامة]
*الجواب الخامس:
أن مسألة الإمامة ، قد وقع الخلاف فيها هل قطعية، أو ظنية، والصحيح أنها قطعيه لأنها أصل من أمهات مسائل الأصول ، ولهذا فزع الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى نصب إمام وإن اختلفوا في المحل فلم يسمع من أحد القول بأن لا حاجة لإمام ، فجرى مجرى الإجماع بل أيد الشرع دليل العقل:
لا يصلح القوم فوضى لا سراة لهم * ولا سراة إذا جهالهم سادوا([24])
Bogga 13
والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة مبسوطة في مواضعها وليست بمحل السؤال ، ولا يمنع قطعيتها كون بعض شروطها ظنيا كالكرم والتدبير ، إذ لا طريق إليهما إلا الظن ، وإلا لزم الدور لأن التدبير مثلا متوقف على الإمامة والإمامة متوقفة عليه ، ولها نظائر في القطعيات مثل الصلاة والصوم، فإنها قطعية وإن كان بعض شروطها ظنيا كالقبلة والوقت وبعض الطهارة ونحو ذلك، وفرض العالم ما ذكره السائل من الاختبار أو التواتر، وفرض الجاهل سؤال العلماء المحقين والاقتداء بهم ، وإن كان لا يفيد إلا الظن لأنهم قد نزلوا العالم في حق الجاهل بمنزلة الدليل في حق العالم، فيجب على الجاهل في هذه المسألة الترجيح بين أدلته التي هي العلماء إذا تعارضت كما يرجح العالم بين الأدلة الشرعية ، فيتحرى اتباع أهل العلم الراسخ والورع الكامل والخبرة التامة البعيدين عن الأغراض والأهواء والميل إلى الدنيا التي حبها رأس كل خطيئة، فمهما فعل ذلك فذمته بريئة ، وقد فعل ما وجب عليه ولو بايع أو جاهد أو قتل أو قتل، وهذا الذي قضت به الأدلة القطعية ، بل يمكن دعوى الإجماع عليه لأنه لم يرو عن أحد من الأئمة أنه أنكر على من تابعه وجاهد معه من العوام مع علمهم بأنهم لم يبلغوا درجة النظر والاجتهاد ، بل لا زال دعاؤهم إياهم متواترا ويلزمون البيعة والجهاد كرها، ولأنه لو كلف الجاهل العلم مع كون الأمور فورية لكان من تكليف ما لا يطاق ، ولما جاز للإمام أن يجبر على الواجبات التي أمرها إليه ، بل لا يقبلها لجواز كون فاعلها غير عاثر على اليقين في حقه، فكيف وقد قال أبو بكر بمحضر من الصحابة والله لو منعوني عقالا، أو قال: عناقا مما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقاتلتهم عليه، وجرى مجرى الإجماع في الحكم ، لا في إمامته ، بل العبرة بمذهب الإمام عند نفسه، فإذا علم صحة ولايته ، جاز له الإجبار كالرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإنه قال: (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله )) ، فلو كان لا يجوز له قتالهم حتى يعلموا بنبوئته لما قال هذا، ولقال: حتى يعلموا أني مرسل ، ولما ورد من الكتاب والسنة من الأدلة المفيدة للعلم على وجوب اتباع أهل البيت والكون معهم عموما وخصوصا مع الأئمة المحقين منهم مثل (( خبري السفينة )) و((إني تارك فيكم )) و((تمسكوا بطاعة أئمتكم))،وقوله تعالى{أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} وعلى الرجوع إلى العلماء من قوله تعالى : {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} وقوله تعالى : {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة } وقوله تعالى: {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} وغير ذلك كثير ، فتقرر بذلك أن ليس للجاهل طريق إلى هذه المسألة إلا العلماء ، وهذا كله فيما يرجع إلى متابعة الجاهل ومبايعته وجهاده وتسليم حقوقه ونصيحته لإمامه ، وغير ذلك من العمليات.
Bogga 14
وأما مسائل الاعتقاد كالتفسيق وما ترتب عليه فلا يبعد وجوب التوقف عليه عند التعارض بين صالحين لأن العالم يعمل بعلم قطعي ، والجاهل يعمل بعلم ظني ، والمسألة قطعية بخلاف القتل والجهاد ونحوه ، فيجوز لأنه وإن كان تحريم الدماء قطعيا فقد أبيح بالدليل الظني مثل حكم الحاكم بالقود بقيام الشهادة ولا تفيد إلا ظنا، وكذلك الحدود تثبت بالبينة ولا تفيد إلا ظنا، حتى نصوا على إقامة حد الشرب بالشم ، ونصوا على جواز قتل من لا يؤمن ضرره على المسلمين ، وتلك الخشية لا تفيد إلا الظن لتعذر العلم في الأمور المستقبلة ، ولما ثبت من أنها كانت تترتب الحروب في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن بعده من الأئمة برجوع جواباتهم ، أو رسلهم بالمخالفة ، وذلك لا يفيد إلا ظنا، فصارت أدلة جواز القتل بالطريق الشرعية الظنية في تلك الجزئيات كالمخصصة لأدلة عموم تحريم الدماء والأموال، وقد ثبت في الأصول أنه يصح تخصيص القطعي العملي بالظني، ومنه تخصيص الكتاب بالسنة [أي الأحادية]، لأنه نوع من الجمع بين الأدلة المقدم على الترجيح وطرح أحد الدليلين ، ومن هنا نصوا أنه يجوز امتثال أمر الحاكم بالحدود والقصاص، ويجب بأمر الإمام من غير أن يبحث الممتثل عن المستند ما لم يكن المأمور به ظاهرا يخالف ما يعلمه الممتثل في الباطن .
وما ذكره السائل من أنه يقدم على ما لا يؤمن خطاؤه لا يلزم بعد وجود المستند الشرعي ، ولهذا نصوا أن خطأ الحاكم في بيت المال ولم يبطلوا ولايته إلا إذا تعمد ، وكما ودى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين قتلهم خالد بن الوليد ولم يعزله عن الإمارة .
وما ذكره السائل من قوله هل يجوز للإمام التمكين من الجهاد ونحوه لمن يعلم أنه لا يعمل إلا لغرض دنيوي، فنقول: نعم يجوز، لأن نفس الجهاد وإقامة الحدود والقصاص أمر شرعي يجب إقامته والدعاء إليه، والممتثل إنما خالف مقصد الشارع بمجرد النية ، وأما العمل فلا مخالفة فيه ، فحينئذ بطل الثواب على العامل فيما يرجع إلى نفسه، وأما مقصد الشارع من الفعل فقد تم، ولهذا نصوا على جواز إقامة فاسق على معين، وعلى جواز الاستعانة بالكفار والفساق، بل استعان بالكفار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع العلم بأنه لا نية لهم مطابقة ، ونص الشارع على جواز التأليف لجلب منفعة، أو دفع مفسدة ، مع العلم بأن الفاعل لم يعمل لله تعالى خالصا بل لأجل العوض.
Bogga 16
[معنى حديث: ((الصلوات الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنبت)
الكبائر))]
(6) السؤال السادس (قال عافاه الله تعالى) سؤال:
ورد في الحديث: ((الصلوات الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنبت)
الكبائر )) ، قوله (ما اجتنبت الكبائر) مشكل لأن الصغائر مكفرة باجتناب الكبائر كما ذلك معروف ، فماذا كفرت الصلاة مع أنه لا يتحقق اجتناب الكبائر إلا مع الإتيان بالصلوات الخمس فهما متلازمان ، ثم هل يحاسب على الصغائر أم لا؟ إن قلتم لا يحاسب، فكيف بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( ما من نبي إلا وهو يحاسب يوم القيامة بذنب غيري )) ، ومعلوم أن معاصي الأنبياء صغائر ، وقوله تعالى: {ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} وغير ذلك، وإن قلتم يحاسب فما معنى الحساب مع التكفير لها ومع التوبة؟ .
*الجواب السادس:
أن الصغائر مكفرة بجنب الطاعات، والطاعات هي الإتيان بالواجبات واجتناب المقبحات ، فحينئذ الحديث وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( الصلوات الخمس كفارات لما بينهن )) من باب التنصيص على بعض أفراد العام تنبيها على عظم شأن الصلاة وكونها معظم أركان الإسلام، ولهذا ثبت في الأذان حي على خير العمل ، وإلا فالمعلوم أنه لو صلى ولم يصم، أو صلى وفعل كبيرة فإن الصلوات لا تكون كفارة لما بينهن.
Bogga 18
وأما قول السائل: وهل يحاسب على الصغائر أم لا؟ فظاهر الأدلة أنه لابد من الحساب على الصغير والكبير لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( ما من نبي إلا وهو يحاسب بذنب غيري )) ومن المعلوم أن ذنوب الأنبياء صغائر، وقوله تعالى: {ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} وقوله تعالى: {إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} وقوله تعالى: {ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} ، ويكون فائدة الحساب على الصغائر إظهار النعمة، والتمنن من الله تعالى، وصدق الوعد والوعيد ، وهذه ثمرة ظاهرة مثل ورود المؤمن على النار أي إطلاعه عليها ليعرف قدر ما هو فيه من النعمة، وما صرف الله عنه من النقمة، ومثل هذا محاسبة التائب على ما تاب منه سواء، ويكون الحديث المخصوص بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم مخصصا لعمومات أدلة الحساب.
ويبقي الإشكال في حديث (( إن لله سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب )) لما يلزم منه أن تكون حالتهم أفضل من حالة الأنبياء عليهم السلام مع النص على (( أنه ما من نبي إلا وهو يحاسب بذنب غيري )) ؟
ويجاب عنه بمنع اللزوم ، أعني أنه لا يلزم من محاسبة الأنبياء أن تكون حالتهم أدنى، بل يمكن جعل حديث السبعين الألف مخصصا ثانيا لعموم أدلة الحساب، ويمكن أن تكون محاسبة الأنبياء فيها زيادة نعمة وراحة لهم حيث تمحي عنهم تلك الصغائر، ثم يبلغون مراتب عالية على المكلفين، وثوابا ناميا على ثواب سائر المتعبدين لكرامتهم على الله وخلوص أعمالهم، ويعرفون بذلك أنه لم يساو بينهم وبين من ليس هو من معاشر النبيئين فتقر خواطرهم، ويزدادوا راحة إلى راحتهم سلام الله عليهم.
Bogga 19
[الكلام في صفات الله تعالى من نحو الصمد والمتفضل ونحوهما]
(7) السؤال السابع ( قال أيده الله تعالى) سؤال:
ما يقال في صفات الله تعالى من نحو الصمد والمتفضل ونحوهما ؟
إن قلنا لم يزل متفضلا مصمودا لزم قدم المتفضل عليه والصامد لأن صفة الفعل الثابتة بعد أن لم تكن كما ذكره الإمام المرتضي وغيره ، وإن قلنا إن الله تعالى كان غير متفضل ومصمود فهذا لفظ يوجب الذم ، فما الجواب في هذه وفي نحوها من صفات الفعل الثابتة بعد أن لم تكن كالخالق والرازق والجواد ونحوها؟ وقولنا: إن علم الله تعالى غير متناه، فهل المعلومات غير متناهية كالعلم أم لا؟.
*الجواب السابع:
أن صفات الله تعالى انقسمت إلى قسمين:
صفة الذات، وصفة الفعل، وانقسامها باعتبار معانيها.
فإن صفة الذات هي الذات من غير وجود شئ آخر يعني أنه لم يكن هناك شئ زائد على ذاته تعالى، وإنما سمي بها من حيث وجوده وحياته وقدمه وقدرته، ونحو ذلك.
Bogga 20
وصفة الفعل ما ثبت له تعالى من الصفات باعتبار التعلق بشيء آخر كالخالق والرازق والصمد والمتفضل ، فإنها باعتبار المخلوق والمرزوق ونحوهما، ولا يمتنع إتصافه تعالى بها في الأزل حقيقة كما هو اختيار الإمام القسم بن محمد عليه السلام ومن معه على معنى أنها حاصلة بالقوة ([34]) وإن لم تحصل بالفعل وكلا الأمرين حقيقة، كما هو المعروف من الوضع العربي في مثل اسم الفاعل، فإنه بمعنى الحال والماضي والمستقبل من باب المشترك ، وحينئذ فالقرينة إذا نصبت فإنما هي لتمييز أحد المعاني عما سواه، وإن لم تنصب حمل على الإطلاق، وإن كان قد اختار الجمهور في خالق ما سيكون أنه مجاز لعدم حصول المعنى المشتق منه ولافتقاره إلى القرينة، فقد أجيب عنه بأن حصول المعنى المشتق منه ليس بشرط في الوضع بل من الجائز الوضع باعتبار معنى مستقبل كتسمية السيف صارما أخذا من الصرم وهو القطع ، وإن لم يكن قد حصل وفي القرينة أنها نصبت للتمييز بين معاني المشترك ، لا أنها قرينة المجاز.
Bogga 21
وثمرة الخلاف في كون الوصف قبل وجود المتعلق حقيقة أو مجازا، أن من قال: هو حقيقة، لم يفتقر إلى السمع ، ومن قال: هو مجازا افتقر إلى السمع، إذ لا يطلق علي الله تعالى من الأسماء إلا ما كان حقيقة([35]) أو ورد به أذن سمعي، والصحيح الأول، ومن هنا ارتفع إشكال ما يلزم من إيهام الذم، ويمكن التلفيق بين القولين بأنها إن كانت بالقوة فهي ثابتة في الأزل، لأنها بمعنى القدرة مثلا، وهي من صفات الذات ، وإن كانت بمعنى الفعل فهي ثابتة بعد أن لم تكن.
وأما لفظ الجواد ففيه نظر([36]) ، فقد قيل إنه لم يرد به إذن سمعي مع كونه مجازا.
وما ذكره السائل من قوله إن علم الله غير متناه فهل المعلومات غير متناهيه كالعلم أم لا؟وثمرة الخلاف في كون الوصف قبل وجود المتعلق حقيقة أو مجازا، أن من قال: هو حقيقة، لم يفتقر إلى السمع ، ومن قال: هو مجازا افتقر إلى السمع، إذ لا يطلق علي الله تعالى من الأسماء إلا ما كان حقيقة([35]) أو ورد به أذن سمعي، والصحيح الأول، ومن هنا ارتفع إشكال ما يلزم من إيهام الذم، ويمكن التلفيق بين القولين بأنها إن كانت بالقوة فهي ثابتة في الأزل، لأنها بمعنى القدرة مثلا، وهي من صفات الذات ، وإن كانت بمعنى الفعل فهي ثابتة بعد أن لم تكن. ¶ وأما لفظ الجواد ففيه نظر([36]) ، فقد قيل إنه لم يرد به إذن سمعي مع كونه مجازا. ¶ وما ذكره السائل من قوله إن علم الله غير متناه فهل المعلومات غير متناهيه كالعلم أم لا؟ ¶ ________________ ¶ ([35]) أي وتضمن مدحا ، وعند المرتضى عليه السلام ومن معه أنه لا يجوز إطلاق شيء من الأسماء لا حقيقة ولا مجازا إلابإذن سمعي، كما ذكروا ذلك وحججه في موضعه من أصول الدين .انتهى من شيخنا مجتهد العصر/مجد الدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى . ¶ ([36]) وجه النظر أنه مجاز فلا يصح إطلاقه قبل ورود السمع فلا يصح أن يفرض اتصاف الباري تعالى به في الأزل، وأما بعد ورود السمع فلا كلام في صحة إطلاقه لكنه خلاف مراد السائل فتأمل فمحط الإفادة في قوله مع كونه مجازا أي فإذا قد قيل بمنعه بعد ورود السمع فبالأولى قبله. انتهى نقلا من خط شيخنا الحافظ/ مجد الدين المؤيدي قدس الله سره.
التناهي من صفات الأجسام ، ولأن كل متناه محدود، وكل محدود جسم أوعرض والله يتعالى عن ذلك ، فمن هاهنا قيل إن علم الله غير متناه بخلاف المعلومات فإنها متناهية([37]) لوجوب الحكم بالمباينة بين ذات القديم وصفاته، وبين ذات المحدث وصفاته ، ومعنى تناهيها إحاطة علم الله تعالى بها لأنه يعلم الأمرين وشرطيهما، ويعلم ماكان وما سيكون، ويعلم مالم يكن لوكان كيف كان يكون ، فتبارك الله وتعالى وعز سلطانه عظمة وجلالا.
وهاهنا إشكال وهو أن يقال من جملة معلوماته تعالى ذاته الشريفة وقد قلتم إنها لا توصف بالتناهي فكيف جعلتم المعلومات متناهية؟.
وجوابه من وجهين :
أحدهما : أن يقال معنى تناهي المعلومات عدم غيبوبة شيء منها عن علمه ولا يلزم من هذا تناهي ذاته تعالى.
وثانيهما : أن يقال معنى قولنا: إن المعلومات متناهية منصرف إلى المحدثات فلا تدخل ذاته تعالى في لفظ الجمع ، وأما باقي المعلومات فيجب أن يكون الله تعالى بخلافها وهو معنى المباينة بين القديم والمحدث التي هي حقيقة التوحيد، كما قال الوصي عليه السلام: (باينهم بصفته ربا كما باينوه بحدوثهم خلقا).
Bogga 22
[سؤال في الوسوسة]
(8) السؤال الثامن (قال أيده الله تعالى) سؤال:
عن الوسوسة في القلب كيف يتصور ذلك، والحواس من السمع والبصر
والشم والذوق واللمس لا تدرك الشيطان ولا فعله، فتؤدي ذلك إلى القلب كما في نظائرة؟.
*الجواب الثامن:
أن وسوسة الشيطان قد قضت بها الأدلة المتضافرة، ومع العلم بأن موردها ليس بإحدى الحواس يجب الحكم بثبوتها بأمر قد مكن الله الشيطان منه وإن لم نعلم كيفيته: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } ويظهر الأثر بالوجدان وأوله الخاطر النفسي ، ثم الداعي، ثم العزم ، ثم الفعل، وهذه الأشياء منها ما هو من فعل الله، ومنها ما هو من فعل العبد، ومنها ما هو مشترك بين العبد والشيطان.
فالأول : وهو الخاطر النفسي الذي لا يمكن دفعه من فعل الله وهو الذي ضج منه المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما نزل قوله تعالى: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} فقال لهم: (( لا تقولوا كما قالت اليهود سمعنا وعصينا ، فقالوا: سمعنا وأطعنا )) فرفع([40]) عنهم ، ونزل قوله تعالى: {آمن الرسول.. } إلى آخر الآية وما بعدها {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها..إلى آخر الآية} وهو سر قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (( رفع عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تقل أو تفعل )).
Bogga 23