Buudiyada: Hordhac Kooban
البوذية: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
يمكن تلخيص أساس هذا المعتقد بأنه الزعم القائل بأن لكل نتيجة سببا ؛ أي إن كل شيء يأتي إلى الوجود ينشأ معتمدا على شيء آخر (أو على عدد من الأشياء الأخرى). وفي ضوء وجهة النظر تلك، فإن كل الظواهر تنشأ كجزء من سلسلة سببية، ولا شيء يوجد بنفسه ولأجل نفسه على نحو مستقل؛ ولذلك، فالكون لا ينظر إليه باعتباره مجموعة أشياء ثابتة إلى حد ما، بل باعتباره شبكة نشطة تتكون من الأسباب والنتائج المترابطة. علاوة على ذلك، ومثلما يمكن تحليل الإنسان إلى العوامل الفردية الخمسة دون أن يتبقى منه شيء، يمكن بالمثل تحليل كل الظواهر إلى أجزائها المكونة دون أن نجد أي شيء «جوهري» في تلك الأجزاء. ويقال إن كل شيء يأتي إلى الوجود يحمل ثلاث خصائص أو «علامات»، هي: عدم الإشباع («دوكها»)، وعدم الديمومة («أنيكا»)، وغياب الجوهر الذاتي («أناتا»). والأشياء غير مرضية لأنها غير دائمة (ومن ثم فهي غير ثابتة ولا يعتمد عليها)؛ وهي غير دائمة لأنها تفتقر إلى الطبيعة الذاتية المستقلة عن العملية السببية الكونية.
يمكن ملاحظة أن الكون في المنظور البوذي يتسم في الأساس بالتغير الدوري، ويتمثل هذا من الناحية النفسية في عملية الشهوة والإشباع اللانهائية. أما من ناحية الأشخاص، فيتمثل ذلك في تعاقب الموت والميلاد من جديد. وأما من ناحية الكون، فيتمثل ذلك في خلق المجرات وتدميرها. والسبب وراء كل ذلك هو مبدأ السبب والنتيجة الموضح في معتقد النشأة المعتمدة، وقد تطورت تداعياته على نحو أعمق فيما بعد في البوذية المتأخرة.
الحقيقة النبيلة الثالثة هي حقيقة الإيقاف («نيرودا»). وتقول هذه الحقيقة إنه عند التخلي عن الشهوة تتوقف المعاناة وتكتسب النيرفانا. وكما ورد في قصة حياة بوذا، تتخذ النيرفانا شكلين؛ الشكل الأول يحدث خلال الحياة، والشكل الثاني يحدث عند الممات. لقد اكتسب بوذا ما يطلق عليه «النيرفانا في هذه الحياة» عندما كان جالسا أسفل الشجرة في سن الخامسة والثلاثين. وفي سن الثمانين رحل إلى «النيرفانا النهائية» التي لا يمكن أن يولد منها من جديد.
المعنى الحرفي لكلمة «نيرفانا» هو «الإطفاء» أو «الإخماد»، مثلما ينطفئ لهب الشمعة. لكن ما هو الشيء الذي «ينطفئ»؟ هل هو روح المرء أم كبرياؤه أم هويته؟ لا يمكن أن تكون الروح هي ما ينطفئ؛ لأن البوذية تنكر وجود مثل هذا الشيء من الأساس. ولا يمكن أن يكون غرور الشخص أو إحساسه بهويته هو ما يختفي، على الرغم من أن النيرفانا تتضمن بالتأكيد حالة تغيير جذرية للوعي خالية من هوس «أنا كذا وأمتلك كذا». أما ما ينطفئ في واقع الأمر، فهو ثالوث نيران الطمع والكراهية والوهم الذي يؤدي إلى الميلاد المتكرر. وبالفعل، فإن أبسط تعريف للنيرفانا في هذه الحياة هو «نهاية الطمع والكراهية والوهم» (كتاب ساميوتا). من الواضح أن النيرفانا في هذه الحياة عبارة عن واقع نفسي وأخلاقي؛ فهي حالة تحول للشخصية تتسم بالسلام والسعادة الروحانية العميقة والشفقة والوعي الدقيق والفطن. أما الحالات والمشاعر الذهنية السلبية مثل الشك والقلق والتوتر والخوف، فتختفي من الذهن الذي حظي بالتنوير. والقديسون في كثير من الثقافات الدينية يظهرون بعض هذه الصفات أو كلها، كما أن الأشخاص العاديين يمتلكونها أيضا إلى حد ما، لكنهم لم يكتسبوها على نحو كامل. بيد أن الشخص الذي حظي بالتنوير، مثل بوذا أو الآرهات، يمتلكها كلها على نحو كامل. (3) حقيقة الإيقاف (نيرودا)
أيها الرهبان، هذه هي حقيقة إيقاف المعاناة. إنه الإيقاف الكلي لتلك الشهوة («تانها»)، الانسحاب منها، نبذها، رفضها، التحرر منها، عدم التعلق بها.
ما الذي يحدث للمرء عند الممات؟ فيما يتعلق بالنيرفانا النهائية فإنها تثير مشكلات الفهم؛ فعندما تنطفئ جذوة الشهوة، ويتوقف الميلاد المتكرر، لا يولد الشخص الذي حظي بالتنوير من جديد؟ إذن، ما الذي يحدث له؟ لا يوجد جواب واضح لهذا السؤال في المصادر الأولى. قال بوذا إن التساؤل عن مكان «الشخص الذي حظي بالتنوير» بعد الممات يشبه التساؤل عن المكان الذي يذهب إليه اللهب بعد انطفائه. بالطبع لم «يذهب» اللهب إلى أي مكان؛ كل ما في الأمر أن عملية الاحتراق توقفت. إن إزالة الشهوة والجهل تشبه إزالة الأكسجين والوقود اللذين يحتاجهما اللهب كي يشتعل. ورغم ذلك، يجب ألا تؤخذ صورة انطفاء اللهب باعتبارها إشارة إلى أن النيرفانا النهائية هي الفناء؛ فالمصادر توضح تماما أن هذا الاستنتاج سيكون خاطئا، وكذلك الحال بالنسبة إلى استنتاج أن النيرفانا هي الوجود الأبدي للروح البشرية.
نهى بوذا عن التكهن بطبيعة النيرفانا، وبدلا من ذلك أكد على الحاجة إلى السعي وراء اكتسابها. وشبه من يطرح أسئلة فضولية عن النيرفانا برجل مجروح بسهم مسموم يصر بدلا من سحب السهم للخارج على طلب معلومات لا فائدة منها عمن رماه بالسهم، مثل اسمه وعشيرته، وبعد المسافة عن النقطة التي كان واقفا عندها ... وهكذا (كتاب ماهايانا). وتماشيا مع هذا التردد من جانب بوذا في تفسير السؤال، وصفت المصادر الأولى النيرفانا بمصطلحات سلبية في الغالب، مثل: «غياب الرغبة»، و«خمود التعطش»، و«الانطفاء»، و«التوقف». ويوجد أيضا عدد قليل من الصفات الإيجابية، من بينها «البركة»، و«الخير»، و«الصفاء»، و«السلام»، و«الحقيقة»، و«الشاطئ البعيد». وتوجد فقرات معينة يبدو أنها تشير إلى أن النيرفانا هي حقيقة علوية «غير مولودة»، و«غير مجبولة»، و«غير مخلوقة»، و«غير مشكلة» (كتاب أودانا)، لكن من الصعب معرفة تفسير مثل هذه التصورات. وفي التحليل الأخير، تظل طبيعة النيرفانا النهائية لغزا، إلا بالنسبة إلى الذين وصلوا إليها. رغم ذلك، ما يمكن أن نكون متأكدين منه هو أنها تعني نهاية المعاناة والميلاد من جديد.
الحقيقة النبيلة الرابعة، التي تتحدث عن الطريق أو الدرب («ماجا»، بالسنسكريتية: «مارجا»)، تشرح كيفية التحول من «السامسارا» إلى النيرفانا. وسط صخب الحياة اليومية، قليلون هم من يتوقفون للتفكير في طريقة العيش الأفضل إشباعا. وقد راود مثل هذه الأسئلة الفلاسفة الإغريق، وأدلى بوذا بدلوه أيضا في هذا الصدد؛ فاعتقد أن أسمى أشكال الحياة هو ذلك الذي يقود إلى اكتساب الفضيلة والمعرفة، وأن الطريق الثماني يقدم أسلوب حياة مصمما لاكتساب الفضيلة والمعرفة المنشودتين. (4) حقيقة الطريق (ماجا)
أيها الرهبان، هذه هي حقيقة الطريق الذي يقودنا إلى إيقاف المعاناة؛ إنه الطريق الثماني النبيل، الذي يتكون من: (1) الرؤية الصحيحة. (2) العزم الصحيح. (3) الكلام الصحيح. (4) الفعل الصحيح. (5) العيش الصحيح. (6) الجهد الصحيح. (7) الوعي الصحيح . (8) التأمل الصحيح.
يعرف الطريق الثماني باسم «الطريقة الوسطى»؛ لأنه يختار طريقا بين حياة الانغماس في الشهوات وحياة التقشف الشديد. ويتكون من عوامل ثمانية مقسمة إلى ثلاث فئات، هي: الأخلاق والتأمل والحكمة. وتحدد هذه العوامل معايير ما فيه خير للبشر، وتوضح أين يكمن النطاق الذي يزدهر فيه الإنسان. وفي القسم المعروف باسم الأخلاق (سيلا)، تصقل الفضائل الأخلاقية إلى حد الكمال، وفي القسم المعروف باسم الحكمة (بانيانيا)، تكتسب الفضائل الفكرية. وماذا عن التأمل؟ سنتناول دور التأمل بمزيد من التفصيل في الفصل التالي؛ ولذلك لن أتحدث عنه كثيرا في هذه المرحلة باستثناء الإشارة إلى أنه يدعم القسمين الآخرين.
Bog aan la aqoon