الباب السادس في أنس المحبين بالله وأنه ليس لهم مقصود من الدُّنْيَا والآخرة سواه
ثبت في الصحيحين (١) والسنن (٢) والمسانيد (٣) من غير وجه أن "جبريل ﵇ سأل النبي ﷺ عن الإحسان، فَقَالَ النبي ﷺ: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك".
وقال بعض العارفين من السَّلف: "من عمل لله عَلَى المشاهدة فهو عارف، ومن عمل عَلَى مشاهدة الله إياه فهو مخلص"
فهذان مقامان:
أحدهما: الإخلاص، وهو أن يعمل العبد عَلَى استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه وقربه منه، فإذا استحضر العبد ذلك في عمله وعمل عَلَى هذا المقام فهو مخلص لله؛ لأنّ استحضاره ذلك يمنعه من الالتفات إِلَى غير الله وإرادته بالعمل.
والثاني: المعرفة التي تستلزم المحبة الخالصة، وهو أن يعمل العبد عَلَى مشاهدة الله بقلبه، وهو أن يتنور قلبه بنور الإيمان وتنفذ بصيرته في العرفان حتى يصير الغيب عنده كالعيان، وهذا هو مقام الإحسان المشار إِلَيْهِ في حديث جبريل ﵇ ويتفاوت أهل هذا المقام فيه بحسب قوة نفوذ البصائر.