(فَوَ اللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ) (١).
ومن هنا شهادة الله بالخيرية لهذه الأمة، في قوله تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾ [آل عمران:١١٠]. إنها صفة عامة في كل من أسلم لله الواحد القهار؛ ولذلك كان حديث تغيير المنكر دالًّا على العموم، وليس له ما يقيده -في المأمورين به- إلا شرط الاستطاعة ورتبتها. وذلك قوله ﷺ: «مَنْ رأى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فإنْ لَم يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذلكَ أضْعَفُ الإِيمَانِ» (٢)، وقد بيَّنا في كتيب (الفجور السياسي) مراتب التغيير، وطبيعة كل رتبة منها بما يغني عن تفصيله هنا، فكان أن بيَّنا إلزامية ذلك لكل مسلم على قدر مرتبته من الاستطاعة (٣).
بل قد عزم النبي ﷺ في ذلك عزمة شديدة على المسلم؛ أن يتجرد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلما حضره؛ قال ﵊: «إن الله تعالى ليسأل العبد يوم القيامة
(١) متفق عليه.
(٢) رواه مسلم.
(٣) الفجور السياسي: ن. ذلك مفصلا في المقدمة الرابعة من الكتاب: ٢٧ إلى ٣٦. منشورات الفرقان الدار البيضاء: (٢٠٠٠ م).