303

Bismarck

بسمارك: حياة مكافح

Noocyada

إذا كنا ننوي في الحقيقة أن نؤسس مستعمرات فكيف يكون اللورد غرنفيل أن يجادل حول حقنا في صنع ذلك في وقت نرى الحكومة البريطانية تنتحل فيه مثل هذا الحق في مستعمرة الكاب؟ تنطوي هذه الأثرة الساذجة على إهانة لشعورنا القومي الذي آمل من فخامتكم أن توجهوا نظر اللورد غرنفيل إليه، وإن مما يسرني أن أعرف السبب الذي تنكرون به حقنا في استعمار تمارسه إنكلترة إلى أبعد مدى، وإن ثقتنا لتزعزع بفعل الأسلوب الكبريائي الناشئ عن النظريات والمزاعم التي تناقض مبدأ المساواة بين الدول المستقلة.

ولكن فيما كان الوضع الأوروبي بأسره - ولا سيما الوضع الألماني - يبدو قاتما في أواخر سنة 1887، حين بلوغ الإمبراطور ولهلم التسعين من عمره وحين مرض ولي العهد مرضا مميتا، لخص بسمارك ما اشتملت عليه من أفكار الأحاديث الطويلة التي قام بها سفيره وولده مع الإنكليز، فكتب إلى اللورد سالسبري باللغة الفرنسية عارضا عرضا مجملا سياسة ألمانية في المحالفات داعيا إنكلترة إلى التضافر معها، قال بسمارك:

أصبح يتعذر قيام حروب كحروب الماضي، صادرة عن المحبات والمكرهات وحرص الأسر المالكة، بجيش كجيشنا يجمع بلا تمييز من جميع طبقات السكان، ومن هنا يبدو أن قوتنا الحربية هي - في الدرجة الأولى - جهاز دفاعي معد للسير عندما تعتقد الأمة أن عليها أن تدرأ اعتداء، ولا يجوز للإمبراطورية الألمانية أن تغفل عما يمكن حوكه ضدها من المحالفات، وإذا افترضنا أن النمسة غلبت أو وهنت أو صارت معادية؛ غدونا منعزلين في القارة الأوروبية تجاه روسية وفرنسة وتجاه تحالف هاتين الدولتين، واليوم تعد النمسة وألمانية وإنكلترة من الدول الراضية المشبعة المسالمة المحافظة، وقد قبلت النمسة وإنكلترة - بإخلاص - ما عليه الإمبراطورية الألمانية من أمر واقع، وبالعكس تظهر فرنسة وروسية مهددتين لنا ...

ولكننا إذا ظللنا في ريب من أن تتخلى عنا الدول ذوات المصالح المماثلة لمصالحنا لم يكن هنالك أي إمبراطور لألمانية يسير على غير سياسة الدفاع عن استقلال الدول الصديقة الراضية مثلنا بوضع أوروبة الحاضر، وسنتجنب إذن محاربة روسية ما لاءم هذا الاجتناب شرفنا وسلامتنا وما لم يوضع استقلال النمسة وهنغارية موضع بحث، لما توجبه مصالحنا الرئيسة من بقائهما، ويقوم ما نرغب فيه على أن الدول الصديقة - التي لها من المصالح في الشرق ما ليس لنا شركة فيه وما يجب عليها أن تحميه - ألا تدع الروس يمتشقون الحسام،

4

أو تقاوم روسية مقاومة فعلية إذا قضت الأحوال بالإخلال بالسلم، وسنقف موقفا حياديا ما أبصرنا مصالح ألمانية في غير خطر، ولكن ليس هنالك أي ضمان يقضي على أي إمبراطور ألماني بأن يؤيد روسية تأييدا مسلحا ترهب به، أو تضعف به دولا نعتمد على تأييدها.

وبسمارك في تلك السنين وفي غير مرة يعرض على سالسبري حلفا بمثل هذه الشروط، ورئيس الوزارة الإنكليزية هذا لم يرد أن يقيد يديه مع ذلك، وأهداف ألمانية هي التي كانت تحول دون صدوعه،

5

فهو وإن كان مستعدا لعقد تحالف ضد روسية؛ كان راغبا عن عقد تحالف ضد فرنسة، وهكذا يؤجل تسوية الأمر ويوجه إلى هربرت بسمارك الجواب الحلو المر الآتي:

إن من المؤسف أن صرنا لا نعيش في عهد بيت حين كان السلطان للأريستوقراطية، وأن صرنا بعد مؤتمر فينة قادرين على اتباع سياسة تستطيع إنكلترة أن تصبح بها أغنى دول أوروبة وأكثرها محلا للاحترام، والحكم للديمقراطية الآن، ولدينا اليوم نظام حزبي تجري به كل حكومة إنكليزية مع ريح الشعب، والحوادث وحدها هي التي تربي الجيل الحاضر.

Bog aan la aqoon