10
أم في ميدان القتال، ولا ينبغي لك، يا صاحب الجلالة، أن تفكر في لويس السادس عشر، فهذا الملك عاش ضعيفا ومات نعا
11
فلم يكن أمره في التاريخ لامعا، والأفضل يا صاحب الجلالة أن ترجع البصر إلى شارل الأول، أفلا ترونه ممتازا لما كان من امتشاقه الحسام دفاعا عن حقوقه وخسرانه المعركة ثم استقباله الموت ثابت الخطا جليل الطلعة؟ ولا معدل لجلالتكم عن النضال، ولا يمكنكم التسليم والإذعان، ولا مناص لكم من مقاومة العنف ولو أودى بحياتكم! «وكلما تكلمت بهذه اللهجة اشتد ساعد الملك وشعر بأنه ضابط عهد إليه في الدفاع عن الملكية والوطن. وإن الضابط البروسي المثالي - أي الرجل الذي يستقبل الموت الواقع بكلمة «كما تأمرون» منكرا لنفسه غير خائف - ليخشى رأي رؤسائه أو رأي العالم أكثر من خشيته الموت إذا ما اضطر إلى السير وفق اجتهاده الشخصي. وإنه يشعر بإمساكه من نجاده. وهكذا يقاد إلى الطريق الملائمة لطراز تفكيره، وتمضي بضع دقائق فتعود إليه طمأنينته التي أضاعها في بادن ويرجع إليه حتى سروره، وتذهب غمومه، فيبدو حتى قبل وصوله إلى برلين مرحا سعيدا مملوءا نشاطا، فيكون لذلك بالغ الأثر في الوزراء والموظفين الذين خفوا إلى استقباله.»
وما تنطوي عليه تلك القصة من الطابع التمثيلي فينم على صحتها وإن قيدها بسمارك في أوابده بعد ثلاثين سنة، ومن الأدلة على صدقها ما نراه من عدم محاولته حمل خصم على التسليم أو عدم تحريضه مولاه على شهر حرب، ومن ذكره أنه جعل الملك الساخط يوافق على خطبة عزاها «بسمارك نفسه» إلى عدم الفطنة، وبسمارك حين جلوسه على عربة اليد كان مضطرب الشعور، وبسمارك وإن أقر إلى خصومه بأن كلمته عن الحديد والدم جاوزت حدود فكره؛ لم ير الإتيان بمثل هذا الاعتراف إلى مليكه مع أنه لم يمض على رئاسته للوزراء أسبوع واحد، وقد اهتبل بسمارك تلك النهزة
12
فتذرع هو والملك بروح من النضال لم يكونا قد بلغاها عند محادثاتهما الأولى، ويغدو ما أيقظه بسمارك من روح الكفاح في ولهلم قوة احتياطية للفرص الأخرى.
وعلى ما يمكن عزو ذلك إلى دهاء بسمارك الفطري وحسابه للأمور؛ نرى ذلك آية على مشاعره العميقة أيضا، وبسمارك منذ أيام مبارزته الأولى في دور طلبه، ما انفك يظهر مستعدا للموت مكافحا، ولا تجد في حياته ساعة رهب فيها الردى، وما اتصف به هذا الوزير من البأس الذاتي ومن العبقرية التي أثرت في الملك الجندي فمن أقوى وسائل الإغواء.
فذلك هو الإكسير الذي يداوي بسمارك به مولاه في ساعات ضعفه.
الفصل الثاني
Bog aan la aqoon