147

Birr Wa Sila

البر والصلة لابن الجوزي

Baare

عادل عبد الموجود، علي معوض

Daabacaha

مؤسسة الكتب الثقافية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

حَدِّثِينَا عَنْ حَاتِمٍ، قَالَتْ: " كُلُّ أَمْرِهِ كَانَ عَجَبًا: أَصَابَتْنَا سَنَةٌ حَصَتْ كُلَّ شَيْءٍ، فَاقْشَعَرَّتْ لَهَا الْأَرْضُ، وَاغْبَرَّتْ لَهَا السَّمَاءُ، وَضَنَّتِ الْمَرَاضِعُ عَلَى أَوْلَادِهَا، وَرَاحَتِ الْإِبِلُ مَا تَبِضُّ بِقَطْرَةٍ، فَإِنَّا لَفِي لَيْلَةٍ صَنْبَرَةٍ، بَعِيدَةٍ مَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ إِذْ تَضَاغَى الصِّبِيَّةُ مِنَ الْجُوعِ: عَبْدُ اللَّهِ، وَعَدِيُّ، وَسفَانَةُ، فَوَاللَّهِ، إِنْ وَجَدْنَا شَيْئًا نُعَلِّلَهُمْ بِهِ، فَقَامَ إِلَى أَحَدِ الصَّبِيَّيْنِ، فَحَمَلَهُ، وَقُمْتُ إِلَى الصَّبِيَّةِ فَعَلَّلْتُهَا، فَوَاللَّهِ، إِنْ سَكَتَا إِلَّا بَعْدَ هَدْأَةٍ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ عُدْنَا إِلَى الصَّبِيِّ الْآخَرِ، فَعَلَّلْنَاهُ حَتَّى سَكَتَ وَمَا كَادَ، ثُمَّ افْتَرَشْنَا قَطِيفَةً لَنَا شَامِيَّةً ذَاتَ خَمْلٍ، فَأَضْجَعْنَا الصِّبْيَانَ عَلَيْهَا وَنِمْنَا أَنَا وَهُوَ فِي حُجْرَةٍ، وَالصِّبْيَانُ بَيْنَنَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ يُعَلِّلُنِي لِأَنَامَ، وَعَرَفْتُ مَا يُرِيدُ، فَتَنَاوَمْتُ، فَقَالَ: مَا لَكِ أَنِمْتِ؟ فَسَكَتُّ. فَقَالَ: مَا أَرَاهَا إِلَّا وَقَدْ نَامَتْ، وَمَا بِي مِنْ نَوْمٍ، فَلَمَّا ادْلَهَمَّ اللَّيْلُ، وَتَهَوَّرَتِ النُّجُومُ وَهَدَأَتِ الْأَصْوَاتُ، وَسَكَنَتِ الرِّجْلُ، إِذَا جَانِبُ الْبَيْتِ قَدْ رُفِعَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَوَلَّى حَتَّى إِذَا قُلْتُ: قَدْ أَسْحَرْنَا، أَوْ كِدْنَا، عَادَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَتْ: جَارَتُكَ فُلَانَةٌ يَا أَبَا عَدِيِّ، مَا وَجَدْتُ عَلَى أَحَدٍ مُعَوِّلا غَيْرَكَ، أَتَيْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَصْبِيَةٍ يَتَعَاوَوْنَ عُوَاءَ الذِّئْبِ مِنَ الْجُوعِ، قَالَ: أَعْجِلِيهِمْ عَلَيَّ، قَالَتِ النَّوَّارُ: فَوَثَبْتُ، فَقُلْتُ: مَاذَا صَنَعْتَ؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ تَضَاغَى أَصْبِيَتُكَ، فَمَا وَجَدْتَ مَا تُعَلِّلَهُمْ بِهِ، فَكَيْفَ بِهَذِهِ وَوَلَدِهَا؟ فَقَالَ: اسْكُتِي، فَوَاللَّهِ لَأَشْبَعَنَّكِ إِيَّاهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَتْ: فَأَقْبَلَتْ تَحْمِلُ اثْنَيْنِ، وَتَمْشِي جَنْبَتِهَا أَرْبَعَةٌ كَأَنَّهَا نَعَامَةٌ حَوْلَهَا رِئَالُهَا، قَالَتْ: فَقَامَ إِلَى فَرَسِهِ، فَوَجَأَ بِحَرْبَتِهِ فِي لَبَّتِهِ، ثُمَّ قَدَحَ زَنْدَهُ، وَأَوْرَى نَارَهُ، ثُمَّ جَاءَ بِمُدْيَةٍ، فَكَشَطَ عَنْ جِلْدِهِ، ثُمَّ دَفَعَ الْمُدْيَةَ إِلَى الْمَرْأَةِ، ثُمَّ قَالَ: دُونَكِ، ثُمَّ قَالَ: ابْعَثِي صِبْيَانَكِ فَبَعَثَتْهُمْ، فَقَالَ: سَوْءَةٌ، أَتَأْكُلُونَ شَيْئًا دُونَ أَهْلِ الصِّرْمِ، فَجَعَلَ يَطُوفُ فِيهِمْ حَتَّى هَبُّوا فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ، وَالْتَفَعَ بِثَوْبِهِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ نَاحِيَةً يَنْظُرُ إِلَيْنَا، لَا وَاللَّهِ مَا ذَاقَ مِنْهُ مُزْعَةً، وَإِنَّهُ لَأَحْوَجَهُمْ إِلَيْهِ، فَأَصْبَحْنَا وَمَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْهُ إِلَّا عَظْمٌ أَوْ حَافِرٌ ". قَالَ أَبُو عَبْدُ الرَّحْمَنِ: الصِّرْمُ: الْأَبْيَاتُ الْعَشْرَةُ وَنَحْوُهَا، يَنْزِلُونَ فِي جَانِبٍ

1 / 185