1
ليته يعود إلى ذلك الراهب فيسأله أن يوضح له ما غمض من هذه الأحاجي؛
2
إن الرهبان ليعرفون كثيرا من غيب الخاصة وغيب العامة على السواء،
3
وما أنصف مسلمة حين وصف ذاك الراهب بما وصف ورماه بالهذيان والخلط!
وطوح الخيال لنعمان إلى مرامي بعيدة، وطوف حالما بين ما يعرف من ثغور الروم يتحسس آثار أخيه، ثم آب من رحلته تلك مكدود الذهن، ضيق النفس، خائر العزيمة، لقد كان قبل اليوم يجاهد مستميتا ليدرك ثأرا أو يظفر بالشهادة، أما اليوم فإن له هدفا آخر ... ليس في نفسه اليوم إلا صورة أخيه الذي يزعم أنه لم يزل حيا في الأسر عند بعض بطارقة الروم، وليس له أمنية إلا أن يصل إليه فيستنقذه فيرده إلى أمه وزوجه وولده!
والتفت خاطره إلى الذين يقيمون في الرقة من أهله، إن له ثمة زوجا وولدا، يعيشان بين أمه وزوج أخيه وولديه، لا يكاد يطرقهم زائرا حتى يؤذنهم بالفراق،
4
وقد مضى عامان منذ آخر زياراته لهم، فلم يرهم ولم يروه منذ ذلك الحين، كيف صار ولده عتيبة اليوم؟ وما شأنه وشأن ابن عمه بشير بن عتبة؟ وأخته نوار بنت عتبة؛ تلك الدمية الصغيرة الضاحكة أبدا كأنما يصبحها أبوها ويمسيها بالمزاح والدعابة والطرائف المجلوبة، وأبوها أسير في حصن من حصون الروم لم تره قط ولم يرها ...
Bog aan la aqoon