Bina Umma Carabiyya
منهاج مفصل لدروس في العوامل التاريخية في بناء الأمة العربية على ما هي عليه اليوم
Noocyada
على هذا النحو كان خضوع أكثر العرب للحكم العثماني، ولا بأس بأن نورد إيجازا تتمة القصة.
فأما العراق فقد بدأ خضوعه في أيام سليمان القانوني، وأما سواحل اليمن فقد بدأ اتصال العثمانيين بها في أيامه أيضا، وكذلك بدأ في أيامه إنشاء النيابات العثمانية على سواحل المغرب غربي مصر في طرابلس الغرب وفي تونس وفي الجزائر. أما المغرب الأقصى فلم يمتد حكم العثمانيين إليه.
وبعد؛ فأين كانت الشعوب العربية والغير العربية من هذه القصة ؟ والوصف «دول» و«دول» ماذا كان يفيد؟ وهل كان الذي جرى إذ ذاك من شأن أصحاب الدول فحسب؟
أما الدولة فكانت كلمة يستخدمونها إذ ذاك بمعناها اللغوي - بما يقابل الصولة أو ما إلى ذلك - ولا تؤدي إذ ذاك إلى ما اصطلحنا عليه الآن من كونها تعبر عن وظيفة الحكم في حياة المجتمع. ولما كانوا يعدون وظيفة الحكم شيئا ثانويا في حياة المجتمع فقد اعتادوا أن يتركوا أمره لعوامل القهر والتغلب والتنافس، وهذا بشرطين؛ أولا: ألا يجري على خطط تناقض الشرع وتجافي العدالة على نحو جريء صريح مستمر. أما الشرط الآخر فأن يكون لديه القوة الكافية التي تكفل بقاءه، فإذا ما عجز انتقل الخضوع لمن تغلب عليه.
وهذا ما يفسر خضوع الأقطار المصرية السورية لنظام عجيب كنظام سلطنة المماليك، وهذا ما يفسر أن الانتقال من الخضوع للمماليك إلى الخضوع للعثمانيين لم يثر استعجابا أو استنكارا. فكان الانتقال من دولة إلى أخرى، والدولة هي ذلك الشيء الخارجي السطحي الذي شرحناه، وينطبق هذا على سلطنة المماليك بصفة خاصة. أما بالنسبة للسلطنة العثمانية أو الفارسية فلم يخل الأمر من شعور الرعية التركية أو الرعية الفارسية برابطة خاصة تربطها بالدولة العثمانية أو بالدولة الفارسية.
وسننتقل فيما يلي إلى ما حدث للعرب في هذا الطور الجديد من تاريخهم.
الموضوع الثاني
دراسات في أنظمة الحكم في الأقطار العربية في العهد العثماني قبل عصر التنظيمات (1) تحديدات (1)
بالنسبة للأقطار السورية والعراقية، حيث بقي الحكم العثماني المباشر إلى أن زال تماما خلال الحرب العالمية الأولى، ينقسم العهد العثماني من حيث أنظمة الحكم إلى مدتين: إحداهما تسبق التنظيمات أو التجديد الذي ابتدأ في أيام السلطان محمود الثاني، والأخرى تبتدئ بها. (2)
وبالنسبة لمصر فالتقسيم يكون إلى مدتين: إحداهما تسبق ولاية محمد علي في العقد الأول من القرن التاسع عشر، وهي مدة الحكم العثماني المباشر، والثانية مدة حكم محمد علي وخلفائه. وفي هذه المدة كانت مصر تحت السيادة العثمانية وجرى خلالها الخديويون على خطط من التجديد تماثل خطط التنظيمات في الولايات الخاضعة للحكم العثماني المباشر. (3)
Bog aan la aqoon