Bila Quyud
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
Noocyada
كشف المزيد من البحث أن الوحل البركاني حمل أيضا آثار أقدام حيوانات متحفرة متعددة، وكشف التنقيب المتأني لهذه الطبقة البركانية على مدى عدة شهور عن آثار أقدام للعديد من حيوانات ما قبل التاريخ التي تراوح حجمها بين الفيلة والجرذان. وأخيرا بعد عامين من عمليات التنقيب الدءوبة واكتشاف المئات من آثار أقدام الحيوانات، توصل علماء الآثار في لايتولي إلى أحد أهم الاكتشافات في تاريخ علم الحفريات؛ أثر خطوات امتد ثمانين قدما، تركه شخصان، شخص بالغ وطفل، كانا يسيران معا عابرين الوحل البركاني منذ أكثر من ثلاثة ملايين سنة (انظر شكل
2-1 ).
1
شكل 2-1: أعطت آثار الأقدام في لايتولي دليلا جازما على أن الهومينيد الأوائل كانوا يمشون على قدمين طوال الوقت، وظلوا هكذا لملايين السنين. (حقوق الطبع والنشر © 2015م، جون ريدر. نسخت بتصريح.)
أعطت آثار الأقدام التي اكتشفت في لايتولي دليلا مباشرا قاطعا على أن الاعتماد الكامل على القدمين في الحركة - القدرة على الوقوف والسير والركض لفترات زمنية ممتدة وعبور مسافات طويلة باستخدام الساقين الخلفيتين فقط - قد ظهر قبل ما كان يفترض سابقا بملايين السنين. علاوة على ذلك، أكدت آثار الأقدام أن علماء الحفريات قد استنبطوا بالفعل استنتاجات صحيحة عن فصيلة أشباه البشر ما قبل التاريخ
2 (المصطلح العلمي التقليدي لكل بشر ما قبل التاريخ والعصر الحديث)، وإن كانت استنتاجاتهم حتى ذلك الحين قائمة على الدليل غير المباشر للتشريح البشري.
عدم وجود دليل ليس دليلا على عدم الوجود
أظهرت البقايا الأحفورية لأشباه البشر الأوائل أن عظام حوض هذه الأنواع القديمة وساقيها كانت مشابهة تماما لنظيرتها في تشريح بشر العصر الحديث ، وهذا أوحى بأن كل أشباه البشر الأوائل كانوا قادرين على شكل واحد على الأقل من أشكال الحركة على قدمين، لكن إلى أن اكتشفت آثار الأقدام في لايتولي، كان ثمة جدل علمي كبير حول ما إذا كان أشباه البشر الأوائل ساروا حقا منتصبي القامة تماما على غرار بشر العصر الحديث. أزكى هذا الجدل الانعدام الشبه التام لعظام أقدام أحفورية من اكتشافات أشباه البشر الأوائل، والحقيقة التي مفادها أن أقدم آثار أقدام أحفورية لأشباه بشر عثر عليها قبل عام 1978م كانت كلها عمرها أقل من مائة ألف عام، وهو الوقت الذي بحلوله كان الجسد البشري قد تطور بالفعل ليتخذ شكله الحديث تماما.
رغم أنه قد تم التعرف على عدة آلاف من آثار الأقدام الأحفورية التي تعود إلى فترات زمنية تقدر بملايين السنين، فإن كل آثار الأقدام هذه قد تركتها حيوانات أخرى، وليس أشباه بشر. في الواقع، العديد من أنواع الديناصورات - التي يتراوح حجمها بين كائنات أضخم من الأفيال وأخرى صغيرة في حجم الفئران - قد تركت الآلاف من آثار الأقدام في سجل الحفريات من فترات زمنية تتراوح بين 75 مليونا و250 مليون سنة خلت، وقد تركت العديد من هذه الديناصورات آثار أقدام أحفورية أكثر من بقايا هياكلها نفسها.
هل كانت الأدلة التشريحية المستقاة من الجمجمة والعمود الفقري والحوض وحدها كافية لاستنتاج أن أشباه البشر الأوائل قد ساروا حقا منتصبي القامة، رغم الغياب المحير لأي آثار أقدام واضحة للسير على قدمين في سجل الحفريات؟ لقد محيت هذه الشكوك تماما باكتشاف آثار أقدام في لايتولي؛ فقد أكدت آثار الأقدام هذه الحكمة القديمة القائلة بأن «عدم وجود دليل ليس دليلا على عدم الوجود». بعبارة أخرى، عدم وجود دليل مادي على حدث قديم ليس في حد ذاته دليلا أن هذا الحدث لم يقع فعلا. وهذا مرجح جدا حين يكون الدليل المعني قد أبلاه الدهر.
Bog aan la aqoon