127

Bila Quyud

بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية

Noocyada

6

ورغم أن أنظمة الكمبيوتر أصبحت أصغر وأرخص كثيرا خلال السبعين سنة الماضية، فإنه يبدو من المقدر لقانون مور أن ينتهي أخيرا؛ فقد توقع خبراء مجال أشباه الموصلات أن معدل تضاعف مكونات الدائرة المتكاملة سيبدأ في التراجع مرة كل ثلاث سنوات بعد عام 2013م، ويعتقدون أنه سيتراجع أكثر من ذلك بعد 2020م.

7

والسبب وراء عدم إمكانية استمرار قانون مور إلى أجل غير مسمى هو أن حجم المكونات داخل الدائرة المتكاملة اقترب جدا من الحد الذي لا يمكن بعده أن تتقلص دون أن تفقد قدرتها على العمل، حسبما أشار علماء الفيزياء والكمبيوتر في السنوات الأخيرة.

فكلما زادت مجهرية حجم الدائرة المتكاملة أكثر فأكثر اقترب حجم مكوناتها من الذرات والجزيئات؛ ف «الأسلاك» الموصلة في الدائرات المتكاملة، على سبيل المثال، صار عرضها الآن أقل من خمسين نانومترا (يساوي النانومتر واحدا على مليار من المتر). وهذا لا يعدل سوى خمسة وعشرين ضعفا من عرض جزيء الحمض النووي. وحين يمر التيار الكهربائي في سلك بهذه الرقة، فمن المحتمل أن «يتسرب» التيار من السلك ويؤثر على المكونات المجاورة.

علاوة على هذا، فإنه عندما يتم تصغير بعض المواد لأحجام أصغر من خمسين نانومترا، تصير قوانين الفيزياء عرضة للتأثيرات الكمية، ويبدأ في الظهور على العديد من العناصر المألوفة خصائص لم تكن فيها في أحجامها العادية؛ إذ إنه في هذه الأبعاد دون المجهرية يصير النحاس في شفافية الزجاج، ويمكن حرق الألومنيوم مثل الورق، ويمكن للذهب أن يذوب مثل مكعب السكر في ماء ساخن. وبالطبع مع تغير الخواص الفيزيائية لهذه المكونات في هذه الأبعاد دون المجهرية، لن تعود الدوائر المتكاملة المصنوعة منها تؤدي العمل المعدة من أجله.

لكن لا بد أن نتذكر كم من تقنية كانت تعد في الماضي مستحيلة وصارت ممكنة في نهاية المطاف، وما زال هناك أحداث لتكتب في تاريخ تصغير حجم الكمبيوتر؛ فهناك مجال جديد في الفيزياء والهندسة يسمى تقنية النانو، مكرس بالكامل لصنع أجهزة من مكونات في حجم الجزيئات. وبالفعل تستخدم أنابيب الكربون النانوية، وقضبان الذهب وأكسيد الزنك النانوية، وبنى الحمض النووي النانوية، وتقنيات تجميع ذاتي جزيئي حديثة، في صنع مكونات دون مجهرية قادرة على أداء بعض وظائف الكمبيوتر الأساسية.

من موقعنا الحالي الذي يعطينا منظورا أفضل، لا نملك معرفة ما إن كانت تقنية النانو ستحقق تقدما بمعنى الكلمة يجعل قانون مور ساريا لما بعد 2025م بكثير، لكن مع وجود الدوائر المتكاملة التي تحتوي على مليارات الترانزستورات في السوق بالفعل، لن تحتاج أجهزة الكمبيوتر مزيدا من التصغير حتى تستمر في غزوها المستمر فيما يبدو لكل مجال من مجالات التكنولوجيا، ولكل جانب من جوانب حياة الإنسان.

في العقود الأولى لتقنية المعلومات لم يتخيل أحد أن الكمبيوتر سيصير جهازا شخصيا يستخدمه الأشخاص العاديون باستمرار على مدار حياتهم اليومية؛ فقد اخترع الكمبيوتر تحديدا على كل حال لأداء عمليات حوسبة رياضية كانت بطبيعتها ببساطة طويلة للغاية، وتستغرق وقتا طويلا جدا على نحو يستعصي على العقول البشرية أن تؤديها بدقة أو كفاءة، لكن خطوات التقدم في القدرة الحاسوبية التي تبدو جامحة والتي تنبأ بها قانون مور لم تجعل أنظمة الكمبيوتر صغيرة بدرجة كافية لوضعها على سطح المكتب أو في حجم الكف فحسب، وإنما جعلتها أيضا ميسورة التكلفة بوجه عام.

أحد أهم تبعات تزايد توفر القدرة الحاسوبية بتكاليف ميسورة أنه من الممكن الآن تخزين جميع أشكال المعلومات في صيغ صالحة للاستخدام على الكمبيوتر. وأنظمة الذاكرة الشديدة الضخامة الضرورية لتخزين الملفات التي تتطلب مساحة كبيرة من نصوص رقمية وصور وتسجيلات صوتية وفيديوهات صارت زهيدة للغاية، حتى أصبح كل ما يكتب أو يصور أو يسجل يخزن على نحو روتيني في صيغة رقمية. وقد خلق هذا التطور أفقا جديدا في تاريخ حياة البشر.

Bog aan la aqoon