Bila Quyud
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
Noocyada
2
غير أن تقنية الكمبيوتر انتشرت انتشارا سريعا للغاية بعد منتصف القرن، حين اخترع جون باردين ووالتر براتين وويليام شوكلي في عام 1947م الترانزستور، وهو رقاقة صغيرة من الجرمانيوم أو السيليكون أو زرنيخ الجاليوم. كان الترانزستور يؤدي نفس وظائف الصمام المفرغ، لكنه كان أصغر كثيرا، ويستهلك قدرا ضئيلا من الطاقة التي يستهلكها الصمام المفرغ. وقد فاز باردين وبراتين وشوكلي بجائزة نوبل في الفيزياء على هذا الاختراع عام 1956م.
سريعا ما أحدث الترانزستور ثورة في عالم الإلكترونيات الحديثة، واستعيض به عن الصمام المفرغ في كل الأجهزة الإلكترونية التي كانت تستخدمه فيما سبق، ومنها أجهزة الكمبيوتر ومعدات التسجيل ومكبرات الصوت وأجهزة الراديو وأجهزة التلفزيون والرادارات وأنظمة الطيران والعديد من الأجهزة الإلكترونية الأخرى. وفي عام 1954م بدأت شركة «تكساس إنسترومنتس كوربوريشن» إنتاج الراديو الترانزستور بكميات كبيرة، وسريعا ما استعيض عن الراديو المحمول المستنزف للطاقة القديم، الذي كان دائما ما يستهلك كل طاقة بطارياته في غضون ساعات، بالراديو الترانزستور الصغير الخفيف الوزن، الذي يعمل لساعات وأسابيع دون أن تحتاج بطارياته للتبديل.
وبحلول أوائل خمسينيات القرن العشرين كان هناك علماء ومهندسون آخرون يجتهدون في اختراع جهاز أكثر روعة، يسمى الدائرة المتكاملة. كانت هذه التوليفة من الترانزستورات والمقاومات والمكثفات وغيرها من المكونات الإلكترونية يتصل بعضها ببعض داخل بنية شبه مجهرية مصنوعة من شبه موصل من الجرمانيوم أو السيليكون. في عام 1958م صنع مهندس «تكساس إنسترومنتس»، جاك كيلبي أول دائرة متكاملة قابلة للاستخدام، مستخدما رقائق من الجرمانيوم، وبعد بضعة شهور صنع روبرت نويس من شركة «فيرشايلد سيميكونداكتور» نموذجا معدلا من الدائرة المتكاملة مستخدما رقائق من السليكون.
إذا كان الترانزستور قد نجح في الاستعاضة عن الصمام المفرغ بشيء أصغر وأخف وأمتن للغاية، ولا يحتاج سوى قليل من الطاقة، فالدائرة المتكاملة نجحت في الاستعاضة بشريحة إلكترونية دقيقة واحدة يمكن إنتاجها بكميات كبيرة عن لوحات دوائر كهربائية كاملة، يتكون كل منها من مكونات إلكترونية متعددة متصل بعضها ببعض بأسلاك ملحومة يدويا؛ فقد كانت الدائرة المتكاملة فعليا عبارة عن لوحة دائرة كهربائية في شريحة.
مع مرور الأيام ظل تعقيد الدائرة المتكاملة أو الشريحة الدقيقة وقدرتها المعالجة يزدادان، حيث ابتكر العلماء والمهندسون طرقا لجعل هذه الشرائح الدقيقة أصغر فأصغر، وتكديس كل منها بمزيد من الإلكترونيات، وتصنعيها بتكلفة أقل. وفي عام 1965م نشر جوردون مور، أحد مؤسسي شركة «إنتل كوربوريشن»، مقالا مشهورا في مجلة «إلكترونيكس» بعنوان: «إقحام المزيد من المكونات في الدوائر المتكاملة». توقع مور في هذا المقال أنه بعد عشر سنوات (أي في عام 1975م) سيصل عدد المكونات الإلكترونية المصنعة في شريحة دقيقة واحدة إلى 65 ألف، بل وأضاف واثقا: «أعتقد أنه من الممكن وضع دائرة كبيرة لهذه الدرجة في رقاقة واحدة.»
بعد عدة سنوات، حين تبين صحة توقع مور إلى حد يثير القلق، عرفت الظاهرة التي وصفها باسم «قانون مور»، وهو يفيد بأن عدد المكونات التي تحتوي عليها الشريحة الدقيقة الواحدة - ومن ثم سرعة المعالجة وقدرتها - ستضاعف كل عامين تقريبا. غير أنه تبين أن قانون مور كان متحفظا قليلا، كما خمن مور نفسه.
3
فمنذ عام 1965م تضاعفت قدرة معالجة الشرائح الدقيقة كل ثمانية عشر شهرا تقريبا، وفي عام 2014م أعلنت «إنتل» عن معالج
15-Core Xeon E7 v2 ، وهو دائرة متكاملة بها أكثر من أربعة مليارات وثلاثمائة مليون ترانزستور في شريحة واحدة لا يتعدى حجمها قطعة من المقرمشات المملحة. وكان السعر المقرر لهذه الشريحة الجبارة 7700 دولار أمريكي.
Bog aan la aqoon