Bilawga Mujtahidka

Averroes d. 595 AH
71

Bilawga Mujtahidka

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Daabacaha

دار الحديث

Lambarka Daabacaadda

بدون طبعة

Goobta Daabacaadda

القاهرة

قَالَ: «فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ» فَإِنَّ الْأَمْرَ مَحْمُولٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى الْفَوْرِ، وَإِنْ كَانَ أَيْضًا قَدْ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الِاحْتِمَالُ الْمُتَقَدِّمُ فَتَأَمَّلْ هَذَا. وَقَدْ حَمَلَ الشَّافِعِيَّ تَسْلِيمُهُ أَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ يَرْفَعُ هَذِهِ الطَّهَارَةَ أَنْ قَالَ: إِنَّ التَّيَمُّمَ لَيْسَ رَافِعًا لِلْحَدَثِ: أَيْ لَيْسَ مُفِيدًا لِلْمُتَيَمِّمِ الطَّهَارَةَ الرَّافِعَةَ لِلْحَدَثِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُبِيحٌ لِلصَّلَاةِ فَقَطْ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَثِ، وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمَّاهُ طَهَارَةً، وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ هَذَا الْمَذْهَبَ فَقَالُوا: إِنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ ; لِأَنَّهُ لَوْ رَفَعَهُ لَمْ يَنْقُضْهُ إِلَّا الْحَدَثُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ الطَّهَارَةَ وُجُودُ الْمَاءِ فِي حَقِّهَا هُوَ حَدَثٌ خَاصٌّ بِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَاءَ يَنْقُضُهَا، وَاتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ وُجُودَ الْمَاءِ يَنْقُضُهَا عَلَى أَنَّهُ يَنْقُضُهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَبَعْدَ الصَّلَاةِ، وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَنْقُضُهَا طُرُوُّهُ فِي الصَّلَاةِ؟ فَذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَدَاوُدُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ فِي الصَّلَاةِ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ، وَغَيْرُهُمَا إِلَى أَنَّهُ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ فِي الصَّلَاةِ وَهُمْ أَحْفَظُ لِلْأَصْلِ ; لِأَنَّهُ أَمْرٌ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِلشَّرْعِ أَنْ يُوجَدَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ فِي الصَّلَاةِ وَيَنْقُضُهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَبِمِثْلِ هَذَا شَنَّعُوا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ أَنَّ الضَّحِكَ فِي الصَّلَاةِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، مَعَ أَنَّهُ مُسْتَنِدٌ فِي ذَلِكَ إِلَى الْأَثَرِ فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهَا بَيِّنَةٌ، وَلَا حُجَّةَ فِي الظَّوَاهِرِ الَّتِي يُرَامُ الِاحْتِجَاجُ بِهَا لِهَذَا الْمَذْهَبِ مِنْ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٣] فَإِنَّ هَذَا لَمْ يُبْطِلِ الصَّلَاةَ بِإِرَادَتِهِ وَإِنَّمَا أَبْطَلَهَا طُرُوُّ الْمَاءِ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ. [الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي هَذِهِ الطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا أَوْ فِي اسْتِبَاحَتِهَا] الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي هَذِهِ الطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا أَوْ فِي اسْتِبَاحَتِهَا وَاتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ الَّتِي هَذِهِ الطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا هِيَ الْأَفْعَالُ الَّتِي الْوُضُوءُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا مِنَ الصَّلَاةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُسْتَبَاحُ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ؟ فَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُسْتَبَاحُ بِهَا صَلَاتَانِ مَفْرُوضَتَانِ أَبَدًا، وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الصَّلَاتَيْنِ الْمَقْضِيَّتَيْنِ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ فَرْضًا، وَالْأُخْرَى نَفْلًا أَنَّهُ إِذَا قَدَّمَ الْفَرْضَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ قَدَّمَ النَّفْلَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا.

1 / 79