65

Bilawga Mujtahidka

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Baare

فريد عبد العزيز الجندي

Daabacaha

دار الحديث

Sanadka Daabacaadda

1425 AH

Goobta Daabacaadda

القاهرة

وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الصَّحِيحِ يَخَافُ مِنْ بَرْدِ الْمَاءِ، السَّبَبُ فِيهِ هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي قِيَاسِهِ عَلَى الْمَرِيضِ الَّذِي يَخَافُ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَقَدْ رَجَّحَ مَذْهَبَهُمُ الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ التَّيَمُّمِ لِلْمَرِيضِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي الْمَجْرُوحِ الَّذِي اغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَأَجَازَ ﵊ الْمَسْحَ لَهُ وَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ»، وَكَذَلِكَ رَجَّحُوا أَيْضًا قِيَاسَ الصَّحِيحِ الَّذِي يَخَافُ مِنْ بَرْدِ الْمَاءِ عَلَى الْمَرِيضِ بِمَا رُوِيَ أَيْضًا فِي ذَلِكَ «عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ أَجْنَبَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَتَيَمَّمَ، وَتَلَا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: ٢٩] فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﵊ فَلَمْ يُعَنِّفْ» . [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ شُرُوطِ جَوَازِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ] وَأَمَّا مَعْرِفَةُ شُرُوطِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ. فَيَتَعَلَّقُ بِهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ قَوَاعِدَ: هَلِ النِّيَّةُ مِنْ شَرْطِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ أَمْ لَا؟ وَالثَّانِيَةُ: هَلِ الطَّلَبُ شَرْطٌ فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَمْ لَا؟ وَالثَّالِثَةُ: هَلْ دُخُولُ الْوَقْتِ شَرْطٌ فِي جَوَازِ التَّيَمُّمِ أَمْ لَا؟ . أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الأُولَى: فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ فِيهَا شَرْطٌ لِكَوْنِهَا عِبَادَةً غَيْرَ مَعْقُولَةِ الْمَعْنَى، وَشَذَّ زُفَرُ فَقَالَ: إِنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِيهَا، وَأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فَإِنَّ مَالِكًا ﵁ اشْتَرَطَ الطَّلَبَ، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ أَبُو حَنِيفَةَ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذَا َ: هَلْ يُسَمَّى مَنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ دُونَ طَلَبٍ غَيْرَ وَاجِدٍ لِلْمَاءِ، أَمْ لَيْسَ يُسَمَّى غَيْرَ وَاجِدٍ لِلْمَاءِ إِلَّا إِذَا طَلَبَ الْمَاءَ فَلَمْ يَجِدْهُ؟ لَكِنَّ الْحَقَّ فِي هَذَا أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ الْمُتَيَقِّنَ لِعَدَمِ الْمَاءِ إِمَّا بِطَلَبٍ مُتَقَدِّمٍ، وَإِمَّا بِغَيْرِ ذَلِكَ هُوَ عَادِمٌ لِلْمَاءِ، وَأَمَّا الظَّانُّ فَلَيْسَ بِعَادِمٍ لِلْمَاءِ، وَلِذَلِكَ يَضْعُفُ الْقَوْلُ بِتَكَرَارِ الطَّلَبِ الَّذِي فِي الْمَذْهَبِ فِي الْمَكَانِ الْوَاحِدِ بِعَيْنِهِ وَيَقْوَى اشْتِرَاطُهُ ابْتِدَاءً إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ عِلْمٌ قَطْعِيٌّ بِعَدَمِ الْمَاءِ. وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَهِيَ اشْتِرَاطُ دُخُولِ الْوَقْتِ) فَمِنْهُمْ مَنِ اشْتَرَطَهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ، وَابْنُ شَعْبَانَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ.

1 / 73