115

Bilawga Mujtahidka

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Baare

فريد عبد العزيز الجندي

Daabacaha

دار الحديث

Sanadka Daabacaadda

1425 AH

Goobta Daabacaadda

القاهرة

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَهِيَ حَدُّ الْعَوْرَةِ مِنَ الْمَرْأَةِ، فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ بَدَنَهَا كُلَّهُ عَوْرَةٌ مَا خَلَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ قَدَمَهَا لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ، وَذَهَبَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَحْمَدُ إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ كُلَّهَا عَوْرَةٌ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ احْتِمَالُ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: ٣١] هَلْ هَذَا الْمُسْتَثْنَى الْمَقْصُودُ مِنْهُ أَعْضَاءٌ مَحْدُودَةٌ، أَمْ إِنَّمَا الْمَقْصُودُ بِهِ مَا لَا يُمْلَكُ ظُهُورُهُ؟ فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُمْلَكُ ظُهُورُهُ عِنْدَ الْحَرَكَةِ قَالَ: بَدَنُهَا كُلُّهُ عَوْرَةٌ حَتَّى وَجْهُهَا، وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب: ٥٩] الْآيَةَ.
وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَرُ وَهُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ تَسَتُرُ وَجْهَهَا فِي الْحَجِّ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي مِنَ الْبَابِ الرَّابِعِ فِيمَا يُجْزِئُ فِي اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]
ِ أَمَّا اللِّبَاسُ فَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]، وَالنَّهْيُ الْوَارِدُ عَنْ هَيْئَاتِ بَعْضِ الْمَلَابِسِ فِي الصَّلَاةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا فِيمَا أَحْسَبُ عَلَى أَنَّ الْهَيْئَاتِ مِنَ اللِّبَاسِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا مِثْلَ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ (وَهُوَ أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ) .
وَسَائِرِ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ - أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ سَدُّ ذَرِيعَةِ أَلَّا تَنْكَشِفَ عَوْرَتُهُ، وَلَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا قَالَ لَا تَجُوزُ صَلَاةٌ عَلَى إِحْدَى هَذِهِ الْهَيْئَاتِ إِنْ لَمْ تَنْكَشِفْ عَوْرَتُهُ، وَقَدْ كَانَ عَلَى أُصُولِ أَهْلِ الظَّاهِرِ يَجِبُ ذَلِكَ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ الرَّجُلَ مِنَ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ الثَّوْبُ الْوَاحِدُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ وَقَدْ سُئِلَ أَيُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؟ فَقَالَ «أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟» .
وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي مَكْشُوفَ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ صَلَاتِهِ لِكَوْنِ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ مِنَ الرَّجُلِ لَيْسَا بِعَوْرَةٍ، وَشَذَّ قَوْمٌ فَقَالُوا: لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ «لِنَهْيِهِ ﷺ أَنْ يُصَلِّيَ

1 / 123