Bilowgii iyo Dhammaadkii

Najiib Maxfuus d. 1427 AH
178

Bilowgii iyo Dhammaadkii

بداية ونهاية

Noocyada

وتردد الشاب قليلا ثم استطرد ريثما يرتدى ملابسه، وعاد إلى الحجرة، ووجد أخاه وراء بابها يتصنت فما إن رآه حتى سأله في لهفة: «هل جاءوا؟» وكررت الأم السؤال في صوت مريض، فأعاد على مسمعيها ما دار بينه وبين الشرطي وهو يرتدي ملابسه، وما كاد ينتهي حتى قال حسن: لعل الضابط من معارفك فأراد أن ينبهك قبل أن يكبس البيت. هذا واضح. أصغ إلي؛ إذا سألك عني قل إنك لم ترني منذ أعوام، لا تتردد ولا تخش عاقبة الكذب، فلن يقفوا لي على أثر، سأختفي عقب ذهابك مباشرة فقلها ولا تخف، وربنا معكم.

فتسأل حسنين وهو يخفي عنه عينيه حتى لا يقرأ ما فيهما ما تنفس في أعماقه من أمل جديد: وهل لديك من القوة ما يعينك على الهرب؟

فقال حسن وهو يجذب بدلته من على المشجب: إني على خير عافية، مع سلامة الله.

وغادر حسنين الشقة ومضى في صحبة الشرطي، وكان أول ما بدا له يسأله عن اسم الضابط لعله يكون حقا من معارفه، ولكن الشرطي ذكر له اسما غريبا لم يسمع به من قبل؛ فعاودته الحيرة، وبدا له الأمر شديد التعقيد، بيد أن عزم حسن على الاختفاء بث في نفسه طمأنينة لا حد لها، وبلغا نقطة البوليس قبل المغرب بقليل، وقاده الشرطي إلى حجرة الضابط ثم أدى التحية قائلا: حضرة الملازم حسنين كامل علي.

كان الضابط جالسا على مكتبه، وعلى بعد ذراع من الكتب وقف رجلان وامرأة من أهل البلد، تلوح في وجوههم آثار معركة حديثة العهد، ولكن الرجل نهض لاستقبال حسنين ومد له يده وهو يقول: «أهلا وسهلا.» ثم أمر الشرطي بإخلاء الحجرة وإغلاق الباب، وطلب من الشاب أن يجلس على كرسي أمام المكتب، فجلس وهو يقول لنفسه: «ترى ما معنى هذا كله؟ .. ترحاب ومجاملة، ثم ماذا؟!»

وخرج الضابط من مجلسه، ووقف في مواجهته مستندا بيمناه إلى حافة المكتب، وجعل يتفحصه بنظرة غريبة تلوح فيها حيرة من لا يدري كيف يبدأ حديثه، أو من يجد في ذلك قدرا من الصعوبة لا يخفى. وشعر بفترة السكوت على قصرها غليظة لا تحتمل، واشتد به إحساس كريه استحوذ عليه منذ اللحظة التي وطئت قدماه فيها أرض نقطة البوليس؛ إحساس بالرهبة والقلق والضيق «ضابط مهذب يتحرج من إلقاء التهمة في وجهي، هذا غريب في ذاته، تكلم وأرحني؛ فطالما تراءى لخيالي كابوس هذه اللحظة! إني أعلم سلفا ما تريد قوله. تكلم ..»

ونفد صبره فقال: دعاني الشرطي لمقابلة حضرتك.

فقال الضابط: إني آسف لإزعاجك، كنت أود أن ألقاك في ظرف خير من هذا، ولكنك أدرى بما يتطلبه الواجب أحيانا.

وزفر حسنين آخر نسمة من أمل ضعيف في السلامة وقال في وجوم: أني أشكر لك كرم أخلاقك، وها أنا مصغ إليك.

فقال الضابط باهتمام ورقة معا: أرجو أن تتلقى ما أقوله بشجاعة، وأن تسلك سلوكا جديرا بضابط يقدس القانون.

Bog aan la aqoon