فضحكت نفيسة قائلة: لولا الملامة لقلت إنها سلاح لضرب النار!
ثم سألته أمه: لماذا لا تخلع ملابسك؟
فقال في شيء من الخجل: سأذهب إلى السينما!
ولاح التذمر في عيني الأم، فاستدرك قائلا: وسأعود مبكرا لنسهر معا، وسنمضي الغد معا كذلك!
عادوا إلى الحديث والذكريات طويلا، ولكنه لم يعد يسعه أن يملك خياله الذي ينازعه إلى الشقة العليا! وكان يجد صعوبة في قطع الحديث والإفصاح عن رغبته في زيارة جارهم فريد أفندي، وأخيرا قال بعدم اكتراث: آن لي أن أترككما للذهاب إلى السينما، ولعلي أجد بعض الوقت لزيارة فريد أفندي!
64
منته نفسه بالانفراد بفتاته على وجه من الوجوه، ولكنه لم يدر كيف؛ فقد اجتمع في حجرة الاستقبال بالوالدين، واستفاض الحديث العادي وهو ينتظر حضورها بصبر نافد. ثم جاءت تسير على استحياء وقد لفها روب وردي لم يبد منه غير أطرافها، فسلمت عليه سلاما رسميا ووالدها يتفحصها بنظرة ضاحكة تنم عن إعجاب. وجلست إلى جانب أمها، واتصل الحديث كما كان، ولكن محضرها استأثر بأعماق وعيه فوجد مشقة في تتبع الكلام التافه ومشقة أكبر في الاشتراك فيه، ثم أخذ يستشعر بالملل والضيق، وكلما استرق إليها نظرة وتخيل قوامها البض ثار دمه وحقد على الجلسة وشهودها، ورأى في عينيها هدأة وطمأنينة كأنه لا يكدر صفوها مكدر، وإنها لكذلك دائما كأنما لا يجري في عروقها دم، وليس أحب إليها من أن تجلس بين والديها تصغي لحديثه، وهي في مأمن من نزواته! .. لذلك يحنق عليها أحيانا، ولكنه لا يستطيع أن يتجاهل ما بثته في حناياه من طمأنينة وثقة، فكان يشعر بأنه يأوي من حبها إلى ركن ركين، وعاطفة عميقة ثابتة لا تزعزعها الحدثان، واستمر الحديث فلم تجد من نفسها شجاعة على الاشتراك فيه، قانعة بهزة من رأسها، وابتسامة من شفتيها فبلغ منه الضيق نهايته، وفكر في مخرج، فخطرت له فكرة جريئة لم يقعد عن تنفيذها مدفوعا بجسارته، فقال موجها خطابه إلى فريد أفندي: هل تأذن لي في أن أصطحب بهية معي إلى السينما؟
وتبادل الزوجان النظر على حين خفضت بهية عينيها موردة الوجه، ثم قال فريد: أظن العالم الحديث يستسيغ هذا السلوك بين خطيبين.
ولكن زوجه قالت بلهجة المعارضة: أخاف ألا يروق هذا للست والدتك.
ولم يتورع حسنين عن الكذب إنقاذا لمشروعه، فقال: لقد استأذنتها فوافقت بسرور!
Bog aan la aqoon