يتضح أن هدف الكاتب هو عرض ما رآه مهما من تعاليم الإسلام، ونشأته وكذلك وصف المؤمنين الحقيقيين في تطبيقهم لأوامر الله بادئا بمحمد النبي حتى العصر الذي عاش فيه الكاتب. وأراد توضيح أسس العقيدة كما جاءت عند نزول الوحي بها والتعريف بمن نقلها من الصحابة الثقات. " إذا قيل لك ما شرائع دينك ومن الفقهاء...؟ "، يأتي هذا السؤال على رأس الفقرة الثالثة وهو أحد الأمثلة العديدة التي يعبر الكاتب بها عن أن معرفة أحكام الدين وحدها ليست بكافية عند الجدال مع المخالفين إن لم يعرف المؤمن أيضا أسس الدين ونشأته وعمن نقلت شرائعه. كما يجب معرفة هؤلاء المسلمين الذين سلكوا الصراط المستقيم واتبعوا تعاليم الدين الصحيحة ولقنوها من خلفهم دون تحريف. وعلى المؤمن أن يعرف أئمة المسلمين وزعماءهم في عصره لكي يتجه إليهم ويهتدي بهم. وعليه أن يعرف من هم الأسانيد الذين يعتمد عليهم هؤلاء الأئمة والفقهاء في تعاليمهم وتوجيهاتهم. وبذلك يستطيع الفرد تجنب وسوسة " ذوي الجهل " الذين من شأنهم تضليل " ضعفاء العقل " ( ص116 ). وبه ينبغي وضع حد بين المؤمنين الحقيقيين وبين الذين يعصون الله في قولهم وعملهم. مثل هذه الأفكار تأتي عبارة عن أسباب تأليف الكتاب وعن خطة عامة للمؤلف اتبعها كمنهج لعمله.
فما هي الأوصاف الشكلية التي تدل على أن فقرات النص التي يختلف عن بعضها البعض اختلافا كبيرا في بعض الأحيان تعود إلى مؤلف واحد؟ يظهر شيء من الخطة المذكورة في تكرر عبارة " نروي عنهم ديننا " (2). وتعني هذه الكلمات كلا من النبي، والصحابة، والتابعين، والفقهاء، والعلماء، الذين تلقوا الدين الإسلامي وحافظوا عليه. ويتكرر لفظ " ديننا " إشارة إلى الإسلام عند ذكر مبادئه الهامة وكبار رواته في أقوال من أمثالها " ديننا دين الله ورسوله " أو " ديننا دين الجماعة من أصحاب النبي " (3).
-------------------------------------
(1)- قارن الملحق ص53- 55.
( 2)- انظر ص61، 108، 116.
Bogga 11