قالت: أنت عنيد أكثر مما ظننت. - هكذا يجب أن تكون الفسحة في لونابارك. - توجد ألعاب لطيفة وأخرى سخيفة. - الأفضل أن نجربها جميعا.
انتعشت بالشراب فطلب قدحين جديدين، وهو يقول: لم تبق إلا لعبة الموتوسيكل.
قطبت متسائلة: تقصد لعبة الموت؟ - لم تسمى بلعبة الموت، رغم أنه لا يموت بها أحد؟! - لا يسرني أن أرى راكب الموتوسيكل الذي يبدأ دورانه فوق الأرض، ثم ينتهي وهو يدور حول السقف! - هي اللعبة الوحيدة التي لم نشترك فيها بعد. - لا .. لا. - لم لا؟ ألا ترين أنها أشد إثارة من جميع سابقاتها؟ - لن تتحملها أعصابي، ولا معنى لها. - بغيرها ستظل فسحتنا ناقصة. - فلتبق ناقصة؛ فهذا أفضل. - ما دمنا قد جئنا فعلينا أن نجرب كل لعبة. - لا تجعلني أندم على معرفتك.
أذعنت إزاء عناده وهي متبرمة. وشربا للمرة الثالثة، ثم دست قدميها في الحذاء وتأبطت ذراعه مرة أخرى. سارا على مهل اضطراري فوق سيقان مسترخية من الجهد. ثقل رأسه بالخمار، وعاود الألم أصابع قدميها. والزياط من حولهما يشتد، وأفواج جديدة من الناس تقدم رغم انتصاف الليل.
وتوسط القمر السماء، سماء صافية إلا من سحائب رقيقة متباعدة عبرت سطحه كأنفاس حارة في جو رطيب.
وترامى إليهما أزيز الموتوسيكل وهما يقتربان من زحمة المنتظرين أمام الباب. ضغطت ذراعه قائلة: كم إنك عنيد!
فقال وهو يهز رأسه: المؤسف حقا أن الفسحة ستنتهي.
وأدار نحوها وجهه بشوق وحنان، ثم داعب ملتقى حاجبيها بإبهامه ليزيل عنه تقطيبة منعقدة، ولم يكف حتى منحته ابتسامة غير سعيدة.
موجة حر
المدينة الكبيرة تنفض النعاس في صمت السحر. وقبيل الشروق تخضب الأفق بحمرة قانية. وقطرت السماء الباهتة زمتة فسطعت أنفاس دافئة. استند عسكري الدورية بجسر الجلاء إلى جذع شجرة، رافعا رأسه إلى الأفق عبر النيل وبصق، ثم تمتم: يوم نكد حتى قبل أن تشرق الشمس!
Bog aan la aqoon