243

Bayruut Wa Lubnaan

بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن

Noocyada

هوامش

الفصل الثاني والثلاثون

تابع أخلاق سكان لبنان وعاداتهم

عندما يتلاقى شخصان في الطريق يقذف كل منهما الآخر بدفعة كبيرة من المجاملات. وإذا أحسنا التعبير قلنا إنهما يقومان بهجوم لا هوادة فيه، حتى إذا ما فرغت جعبة أسئلتهم يفترقان وكل منهما يتمنى للآخر جميع أنواع السعادة له ولأولاده وأنسبائه وأصدقائه ومواشيه. ثم لا يكفان عن الكلام إلا عند حصول مانع طبيعي يحول دون سماع أحدهما الآخر. إن الأسئلة التي يطرحانها تتناول أقرباءهما وأملاكهما وبهائمهما ...

1

يحاول الموارنة تقليد المسلمين بإلقاء التحية، فيحيي بعضهم بعضا بأسلوب واحد، وبكلمة واحدة. ففي أول كانون يحيي بعضهم بعضا ب «صباح الخير» منذ طلوع الشمس حتى غروبها؛ لأن هذا النهار - حسب اعتقادهم - عيد صباح الخير. أما في غير ذلك النهار فإنهم يحيون ب «مساء الخير» ابتداء من الظهر.

يلفظ أبناء الجبل كلامهم لفظا بشعا؛ فهم يمغطون آخر الكلمة ويضيفون إليها نهاية اعتادوها. إنهم يحورون ويمسخون تماما الكلمات، ويستعملون كلمات أخرى لم يألفها العرب.

إن قلة كياسة السوريين - وخصوصا اللبنانيين - جديرة بأن تكون مضرب المثل؛ فهم لا يتحدثون أبدا عن امرأة دون أن يستدركوا بقولهم: أجلك الله. وبلا سبب موجب يقول لك بعضهم: لا تؤاخذني على هذه الكلمة. وهنالك تشبيه آخر يستعملونه، فلا يدل أبدا على تعلقهم بحياتهم الزوجية، ولا يحمل على الاعتقاد أنهم يشعرون طويلا بألم فقدان الزوجة. إنهم يشبهون فقدها بالألم الذي يشعر به عند اصطدام الكوع بشدة؛ يقولون: إنه ألم موجع، ولكنه لا يلبث أن يزول سريعا.

وبالطبع ليس إلى مثل هذه التشابيه يجب أن نرجع لنجاري مدام دي ستايل في قولها: إنهم يستعملون في جنوبي فرنسا تعابير شعرية بعيدة عن الكلفة، حتى نكاد نقول إنها مستوحاة من الهواء والشمس. وذلك لأن مثل هذه التعابير التي يستعملها العرب لا يستطيع غير القمر أن يوحيها.

إن هذا الشعب الذي قلما يحترم الجنس اللطيف أناني، مدع، يحب ذاته. قال بيفون: إن الإنشاء هو الرجل نفسه. وعليه فيمكننا أن نستند إلى طريقتهم في مخاطبة بعضهم بعضا في رسائلهم لنحكم على مدى تفكير هؤلاء الجبليين.

Bog aan la aqoon