240

Bayruut Wa Lubnaan

بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن

Noocyada

مكلمين بعضكم بعضا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية، مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب، شاكرين كل حين على كل شيء في اسم ربنا يسوع المسيح لله والأب.

2

إن أجمل الأناشيد التي تغنى في مثل هذه المناسبة مأخوذة عن المسلمين وشعرهم النبوي؛ ذلك لأن المقام يستدعي الرصانة والوقار، فلا يمكن أن ينتقى أحسن من تلك لمثل هذا المقام. فالأسلوب الصوفي الذي يسود هذه المقاطع المنتقاة التعابير، يخلب لب الرجل العادي. إنه يجد فيها موضوعا جليلا لأنها تتعدى قوة إدراكه، وهذا ما يجعله يسر لدى سماعه هذا اللحن الأخن الناعم الذي يجلب إلى جفنيه نعاس القيلولة.

ونسيت أن أقول إنه يتوجب عند العرب دعوة الضيوف والإلحاح عليهم ليأكلوا. وإذا ما لوحظ تمنعهم بعد استحلافهم بأقدس شيء في العالم، يمسك سيد الدار لقمة بيده يجمع فيها بين ألوان الطعام المختلفة ويقدمها لمن يريد أن يخصه بها، فيتلقاها هذا الأخير بفمه. ما أسعد الضيف إذا كرر هذا الضرب من اللياقة عدة مرات! إن العرب يتطلبون من الضيوف أن يكثروا من الأكل عندهم؛ ولهذا يعبرون عن الأكلة الطيبة بقولهم: إنها كادت تخرج من أنوفهم. لكثرة ما استطيبوها وأكلوا منها.

أما كيفية ترك الخوان فعلامتها هزة إلى الوراء، وهي الحركة نفسها التي تفعل - ولكن إلى الأمام - عندما يجلسون إليه، فحينذاك يباشر الغسل، فيأتي الخادم بالطست والصابون والإبريق ليناول على إثرها المنشفة بكتفه؛ لأن يديه تكونان مشغولتين بصب الماء وغيره؛ ولهذا السبب توضع المنشفة على كتف الخادم ليقدمها في حينها بإمالة الكتف صوب الضيف.

إن تدخين الغليون وشرب القهوة يعلنان نهاية الوليمة الممتعة. وصاحب الدار يحاول جهده تفكهة ضيفه، فيروي له ما ادخرته ذاكرته من أقاصيص فضولية؛ فالعرب هم بوجه عام قصاصون ماهرون.

إن الذين يحافظون على الروح الجبلية الحق شديدو الانفعال بطبيعتهم، ويكرهون التصرفات التي تدل على ألفة مفرطة ورفع الكلفة.

إن الجبليين وعددا كبيرا من سكان المدن يحبون - إلى حد بعيد - الزعتر فيأكلونه عند الصباح وينشطون به معدتهم ويفتحون قابليتهم لتناول طعام النهار. إنهم يجففون هذه النبتة المعطرة ويحفظونها بعد أن تدق فتصبح ناعمة. ثم يضيفون إليها السماق وبعض الملح لكي تكتسب الحموضة التي يستطيبها العرب، وعلى الأخص نساؤهم. والزعتر أكبر هدية يقدمها السوريون للمصريين الشاميي الأصل، حتى إني رأيت منه ما يصدر إلى لاجئينا في فرنسا نظرا لهذه العادة المستحكمة عند بعد الأشخاص . إننا نقول إنها طبيعة ثانية، أما العرب فيقولون إنها طبيعة سادسة.

النساء في الجبل قويات البنية حتى إنهن يلدن وهن يقمن بأشغال المنزل كما لو لم يكن شيء. واللواتي يهتممن منهن بالولادة ويخفن عواقبها ينمن مدة في فراشهن ويطلق عليهن اسم الستات.

وفي المدن والجبال، عندما تعود النساء امرأة نفساء، يجب عليهن - إذا كن مرضعات - أن يرضعن الطفل الصغير. وهذه العادة تضر أكثر ما يكون بأولاد الرجالات العظام؛ إذ إنهم يرضعون - على إثر ولادهم التي تفرح بها الضيعة والجوار - أشكالا مختلفة من الحليب يعرفون مضارها، ولكنهم لا يفكرون بإلغائها.

Bog aan la aqoon