221

Bayruut Wa Lubnaan

بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن

Noocyada

وفي عام 1025؛ أي 415ه، احتل بعلبك صالح بن مرداخ زعيم العرب الكلابيين.

وعام 1400 أي 803ه، سقطت بين يدي تيمورلنك.

إن بعلبك تخضع لدمشق وهي إقطاعة منها. وقد تسلم آل حرفوش - أمراء المتاولة - زمام حكمها، وهي الولاية الوحيدة التي عهد بها إلى هذه الأسرة مع بعض الصلاحيات التي كانت لها في ضواحي صور؛ فآل حرفوش هم أول من سكن هذه الناحية من سوريا، وقد قل عددهم اليوم.

يسيطر المتاولة على قسم من البقاع واسع جدا، وهو أخصب أرض مروية في سوريا. ومع هذا الخصب والري فلا يزرع منها ما يكفي لسد رمق شعب بائس قليل العدد.

إن التلال القائمة حول السهل، والتي كانت أشهر جميع أنحاء سوريا في إنتاج أطيب العنب قد خربت وأتلفت بلا شفقة بناء على أوامر الأمير الحاكم ليمنع الدمشقيين من استئجارها.

فلو لم يحسن آل حرفوش الاستفادة من العلاقات التي تربطهم برعاة بلاد ما بين النهرين العرب، لما استطاعوا القيام بنفقات أتباعهم المسلحين، ولكن مقايضتهم مع أولئك الرعاة كانت تدر عليهم كثيرا من الخيرات وتمهد لهم سبل المعيشة.

وإذا ما اتجهنا إلى بعلبك مارين في منتصف الوادي أعجبنا بذاك النشاط الذي نلمسه في حراثة الأراضي المزروعة حبوبا. أما التشجير فلا يبالى به منذ سنوات عديدة؛ فالعناية بغرس الأشجار تتلاشى وتزول رويدا رويدا بقدر ما نبتعد عن حدود دولة لبنان.

يشعر الناظر بغبطة لا حد لها إذا ما ألقى نظرة على سهل البقاع من قب إلياس. أما إذا ما تطلع من بعلبك فإنه يتألم ويحزن؛ فمتى تركنا أراضي تلك الولاية لا نر إلا حقولا يغطيها العوسج والأشواك؛ فالعين التي تتعب من رؤية هذا المشهد المؤلم ذي النمط الواحد، لا تجد أمامها لتفتن بعض الافتتان إلا مشهد بعض الروابي القاحلة التي يخالها الناظر - نظرا لتكوينها الغريب - حجارة قبور مخروطة الشكل. ومنذ حين غامر أهالي جبة بشري وزحلة في شراء عقارات من المتاولة الذين أصبحوا كثيري التخوف فجنحوا إلى السلم وصاروا أقل ميلا إلى المنازعات.

كان أمراء آل حرفوش قديما يكيد بعضهم لبعض ويشنون فيما بينهم غارات مستمرة. ولكي يواصلوا منازعاتهم الظالمة ويمدوها بما تحتاج إليه من عتاد وغيره، أثقلوا كاهل المزارعين بفرض الضرائب الغاشمة عليهم؛ وهذا هو سبب التباين الذي كنا نلمسه ما بين حالة زراعة هذين البلدين. إن الأمير بشير - رغم طابع حكمه الجائر ولجوئه إلى الأساليب العنيفة ليوطد زمام سلطانه - كان يتقيد ببعض الأصول التقليدية التي تضمن الحقوق الشخصية ضمانة كبرى.

إن من يرى قرى المتاولة يخال أن بيفون قد شاهدها حين وصف الطبيعة التي أفسدها البشر؛ فالقطعة التي كتبها في هذا الموضوع هي صورة تمثل لأعيننا ما نشاهده في هذه المقاطعات، وترينا الأسباب التي أدت إلى الخراب والدمار. قال بيفون:

Bog aan la aqoon