Bayruut Wa Lubnaan

Maruun Cabud d. 1381 AH
125

Bayruut Wa Lubnaan

بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن

Noocyada

كانوا يغزلون قديما في البلاد كمية وافرة من القطن لحياكة الخام،

6

أما الأنسجة البيضاء وخيط الغزل الدقيق فكانا يردان من الهند لتحاك منها الأجواخ التي كانت لحمتها من قطن البلاد. إذن، فإلى إدخال مثل هذه البضائع وليدة المصانع، وإلى الميزة التي كانت تتفوق بها على شبيهاتها المعروفة من قبل، يجب أن نعزو الرواج الكبير الذي لاقته مصنوعات إنكلترا في سوريا.

إن سويسرا تقدم أيضا النسيج الموشى، وميلهوزن تمدنا من حين إلى آخر بكمية من النسيج المنقش. إننا نعجب لأول وهلة كيف أن تجارنا لا يستثمرون مثل هذا النوع الهام من التجارة، ثم لا نلبث أن ندرك أن إحجامهم يعود إلى عملاء مرسيليا الذين لا يمكنهم أن يوردوا لممثليهم العرب إلا الأشياء التي يطلبونها منهم.

أجل، إننا متى أتقنا الصنع أكثر مما يتقنه الإنكليز، لا يلائمنا أن نبيع بالثمن نفسه. إلا أن التفوق في الحياكة وعلى الأخص في الصباغ - ولا شك - الزيادة في الثمن؛ فالمناديل والأجواخ الربيعية المصنوعة في «روان» تتمتع اليوم بأفضلية ملموسة، مع أن ثمنها أكثر ارتفاعا من ثمن شبيهاتها في البلدان الأخرى.

إن مصر تقدم أيضا إلى أسواق سوريا كمية كبيرة من المنسوجات والقطن المغزول؛ وهذا ما يسمح لها أن تصدر الحاجيات التي تتوافر لديها من صناعة أهليها. ولو ظلت سوريا في يد محمد علي لشاهدنا الاهتمام بتنفيذ مشروعه الرامي إلى نقل المصانع القطنية إليها لتعمل على أوسع مدى فيها، بعد أن حال مناخ مصر دون ذلك.

إن عزل كل منتوج إنكليزي عن أسواق هذه البلدان نتج عن طبيعة الأمور نفسها؛ فالخيوط والأنسجة المصنوعة في هذا البلد من قطنه، وبأياد تقاضت أجرا ضئيلا، أو على حساب السلطة العامة؛ أمست تباع بأسعار ضئيلة أدت إلى العدول عن الإتيان بها من الخارج.

فالتجار الإنكليز لا يوحون عادة الارتياح الذي يوحيه الفرنسيون؛ إنهم يتطلبون من العرب دقة ليست من طبيعتهم ولا من عاداتهم، ولا يمكنها أن تكون إلا صنيعة الأيام. إن استقامة التجار ترتبط باستقامة أصحاب الحوانيت الذين هم بحاجة إلى أن يقبضوا مالهم كاملا من المستهلكين.

وهنالك عدة دواع أخر تعاضدنا، ويمكننا أن نستخلص منها أنه إذا كان مقدم التجار الإنكليز قد ساهم في ترويج موارد إنكلترا، فإن حلول الأشخاص الموفدين من فرنسا يحدث المفعول نفسه بالنسبة للحاجيات المصنوعة في وطننا. فلا بد - إذن - من أن يزود المحل الذي ينوى إنشاؤه برأسمال كبير، ويفضل كثيرا أن يكون المساهمون فيه من أصحاب المصانع في مختلف المدن الصناعية.

وهنالك نصيحة أخرى أسمح لنفسي أن أسديها إلى الذين يقدمون من مواطني إلى بيروت، وهي أن يهتموا بأن يعيدوا إلى التجارة الفرنسية تراثها القديم في الاستقامة، أو على الأقل أن يحافظوا على ما ظلت تحتفظ به من شهرة قديمة. لقد عرفت أشخاصا انقادوا لإغراءات مقيتة، في مخادعات زعزعت ثقة تجار هذه البلاد، فوافقوا على الإكثار من عدد التيجان المذهبة المطبوعة في أعلى الأقمشة دون أن ينظروا إلى جودتها التي كانت تدل عليها تلك التيجان؛ فنتج على أثر كل صفقة مشادات طويلة، مع أن المشترين كانوا - قبل هذه الخدعة - يثقون باستقامة أصحاب المصانع، ولا يخامرهم أقل شك بعدد التيجان وبيان (قائمة) مستورد هذه البضائع. ولكن الخدعة الآنفة فتحت الأعين وأيقظت الأفكار؛ فأصبحوا يتذمرون من نقص في طول «الأثواب» الذي كان لا ينقص.

Bog aan la aqoon