تأملتها في استغراب، فسألتني: هل تثق بي؟
قلت: طبعا. - إذن لا تسأل.
غادرنا المكتب إلى الشارع المزدحم، وولجنا مطعما شعبيا صغيرا. أكلنا كوسة بالطماطم واللحم وأرزا ، مع حساء العدس. وأصرت أنطوانيت على أن تدفع الحساب الذي بلغ عشرين ليرة.
عدنا إلى حيث تركت سيارتها الفولكس، فركبناها. وبعد قليل كنا ننطلق في الطريق المؤدي إلى المطار.
بلغنا مخيم صابرا، فانحرفت بالسيارة نحوه. واعترضنا عدد من المسلحين عند حاجز من البراميل. كانوا يحملون شارات الكفاح المسلح الفلسطيني. وتعرف أحدهم على أنطوانيت فحياها في ود وتركونا نمر.
أوقفت أنطوانيت السيارة بعد عدة أمتار، إلى جوار بائع فلافل صنع من عدة مقاعد وموائد خشبية، مطعما في الهواء الطلق. تناولت حقيبة يدها ورفعت زجاج النافذة، ففعلت مثلها بالنافذة المجاورة لي، ثم غادرت السيارة ووقفت أتأمل برطمانات «الكبيس» الملون، الموزعة فوق موائد المطعم الصغير.
جذبتني من ذارعي، وانطلقنا في شارع مزدحم بالبوتيكات والحوانيت، بينها واحد للملابس المستعملة، التي تدلت على علاقات مثبتة في السقف. وكانت الجدران مغطاة بالشعارات والملصقات السياسية وصور الشهداء.
انتقلنا إلى شبكة من الأزقة، قامت على جوانبها منازل متواضعة لا يتجاوز أغلبها الطابقين ارتفاعا. وتسللت إلى أنفي رائحة البصل المقلي والكزبرة مع التوم. وأوشكت أن أصطدم بعدد من الأطفال يلعبون الكرة. واضطررنا أن نتوقف ونلتصق بالجدران، لنفسح الطريق لثلاث سيدات في معاطف سوداء، أحطن رءوسهن بمناديل بيضاء، يسرن متجاورات.
جاءنا صوت شجار حاد من نافذة فوق رأسينا. وسمعت امرأة تصرخ بلهجة مصرية صميمة، طالبة جواز سفرها كي تعود إلى مصر. ومرت السيدات الثلاث، فواصلنا السير بضع دقائق، ثم ولجنا منزلا وطرقنا باب أحد المسكنين اللذين يتألف منهما الطابق الأول.
فتح لنا شاب طويل القامة في بنطلون وبلوفر، أضاءت وجهه ابتسامة مشرقة لرؤيتنا. ودلفنا إلى صالة نظيفة بها مائدة معدنية وعدة مقاعد، وفي نهايتها مكتب تعلوه أرفف من الكتب.
Bog aan la aqoon